نِصْفِ قِيمَتِهَا، وَكَذَلِكَ الْجَدَّةُ تَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا لِهَذَا
قَالَ: أَمَةٌ لِرَجُلِ وَلَدَتْ ابْنَتًا، ثُمَّ وَلَدَتْ ابْنَتَهَا ابْنَتًا فَقَالَ الْمَوْلَى فِي صِحَّتِهِ: إحْدَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ وَلَدِي، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ نِصْفُ الْعُلْيَا وَجَمِيعُ الْوُسْطَى، وَجَمِيعُ السُّفْلَى؛ لِأَنَّ الْعُلْيَا تُعْتَقُ فِي حَالَيْنِ فَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ مَقْصُودَةً بِالدَّعْوَةِ فَهِيَ حُرَّةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ ابْنَتَهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ تُعْتَقُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ أَسْفَلَهَا فَهِيَ أَمَةٌ فَلِهَذَا عَتَقَ نِصْفُهَا فَأَمَّا الْوُسْطَى فَهِيَ حُرَّةٌ بِيَقِينٍ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمَقْصُودَةَ فَهِيَ حُرَّةٌ بِالنَّسَبِ، وَإِنْ كَانَتْ ابْنَتَهُمَا فَهِيَ حُرَّةٌ بِأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ أُمَّهَا فَهِيَ حُرَّةٌ فَهِيَ بِنْتُ بِنْتِ الْمَوْلَى، وَكَذَلِكَ السُّفْلَى حُرَّةٌ بِيَقِينٍ.
وَلَمْ يَذْكُرُ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا الْفَصْلِ وَقِيلَ عَلَى قَوْلِهِ يُعْتَقُ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ؛ لِأَنَّ هَذَا عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إحْدَاكُنَّ حُرَّةٌ، وَقِيلَ بَلْ الْجَوَابُ قَوْلُهُمْ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ هُنَا بِجِهَةِ النَّسَبِ كَيْفَ مَا كَانَ وَهُوَ مَقْصُودٌ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ بِأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُ الْجِهَاتِ هُنَا بِخِلَافِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ.
قَالَ: وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَمَةُ ابْنَتًا مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ، ثُمَّ وَلَدَتْ ابْنَتَيْنِ فِي بَطْنٍ آخَرَ، ثُمَّ وَلَدَتْ ابْنًا فِي بَطْنٍ آخَرَ، ثُمَّ نَظَرَ الْمَوْلَى إلَى الْأَكْبَرِ، وَإِلَى إحْدَى الِابْنَتَيْنِ فِي صِحَّتِهِ فَقَالَ أَحَدُ هَذَيْنِ وَلَدِي، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَعَتَقَتْ الْأَمَةُ بِجِهَةِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ لِمَا بَيَّنَّا وَيُعْتَقُ مِنْ الْكُبْرَى نِصْفُهَا وَتَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا، وَيُعْتَقُ مِنْ الْأَوْسَطَيْنِ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي غَيْرِ الْأُصُولِ قَالَ يُعْتَقُ عَبْدُهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رُبُعُهَا.
وَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ بِدَعْوَتِهِ انْقَلَبَ إقْرَارًا بِالْحُرِّيَّةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَحَدُهُمَا حُرٌّ وَيُعْتَقُ نِصْفُ الْكُبْرَى فِي نِصْفِ الْحُرِّيَّةِ وَحَظُّ الْأَوْسَطَيْنِ فِيهِ عَلَى السَّوَاءِ؛ لِأَنَّهُمَا تَوْأَمٌ لَا يَنْفَصِلُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَيَصِيرُ هَذَا النِّصْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَيُعْتَقُ مِنْ كُلٍّ وَاحِدٍ رُبُعُهَا.
وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ تَعَلُّقَ الْحُرِّيَّةِ الَّذِي بَقِيَ الْعِتْقُ مِنْ وَسَطَيْنِ، وَلَكِنَّ أَحَدَهُمَا لَمْ يَنْفَصِلْ عَنْ الْآخَرِ فِي حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ، وَلَا فِي النَّسَبِ، وَالْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ لِأَحَدِهِمَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِهِ لَهُمَا فَمَا يُعْتَقُ بِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا بِحُكْمِ هَذَا الْإِقْرَارِ وَهُوَ نِصْفُ رَقَبَتِهِ يُعْتَقُ مِنْ الثَّانِي مِثْلَهُ.
وَأَمَّا الْأَصْغَرُ فَهُوَ حُرٌّ كُلُّهُ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِأَنَّهُ، وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ فَيُعْتَقُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَمَا تُعْتَقُ أَمَتُهُ.
قَالَ: وَلَوْ نَظَرَ الْمَوْلَى إلَى الْأَصْغَرِ فَقَالَ أَحَدُ هَذَيْنِ ابْنِي، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ يُعْتَقُ مِنْ الْأَكْبَرِ نِصْفُهُ، وَمِنْ الْأَصْغَرِ أَيْضًا نِصْفُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ صَارَ إقْرَارًا بِالْحُرِّيَّةِ لَهُمَا فَكَأَنَّهُ قَالَ أَحَدُهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute