للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَصِيبِ الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّهُ احْتَبَسَ نَصِيبَ الشَّرِيكِ عِنْدَهُ، فَتَجِبُ السِّعَايَةُ لَهُ، وَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَةُ بَعْدَ الْمِلْكِ، وَكَذَّبَهُ شَرِيكُهُ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِي عَبْدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ يَعْتِقُهُ أَحَدُهُمَا؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْأَبِ إنَّمَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِعِلَّةٍ ذَاتِ، وَصْفَيْنِ الْمِلْكُ وَالْقَرَابَةُ فَيُحَالُ بِهِ عَلَى آخِرِ الْوَصْفَيْنِ وُجُودًا وَهُوَ الدَّعْوَةُ هُنَا، وَذَلِكَ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِعْتَاقِ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ حِينَ كَذَّبَهُ فَلِهَذَا كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ بَيْنَ اثْنَيْنِ يُعْتِقُهُ أَحَدُهُمَا.

وَأَمَّا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَةُ قَبْلَ الْمِلْكِ، وَكَانَ الشَّرِيكُ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْوَلَدِ وَصَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الشَّرِيكِ إنَّمَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِقَرَابَتِهِ حِينَ صَدَّقَهُ فِي الدَّعْوَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَةُ قَبْلَ الْمِلْكِ، وَكَذَّبَهُ شَرِيكُهُ أَوْ كَانَ الشَّرِيكُ أَجْنَبِيًّا وَالدَّعْوَةُ قَبْلَ الْمِلْكِ فَصَدَّقَهُ أَوْ كَذَّبَهُ أَوْ كَانَتْ الدَّعْوَةُ بَعْدَ الْمِلْكِ، وَصَدَّقَهُ فَفِي هَذِهِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّ تَتْمِيمَ عِلَّةِ الْعِتْقِ بِالْمِلْكِ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَةُ قَبْلَهُ، وَلَا صُنْعَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَةُ بَعْدَهُ، وَصَدَّقَهُ فَهُوَ كَالِابْنِ الْمَعْرُوفِ فِي حَقِّهِ فَلَا يَكُونُ الْأَبُ ضَامِنًا لِشَرِيكِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَصِيرُ ضَامِنًا لِشَرِيكِهِ فِي الِابْنِ الْمَعْرُوفِ، وَإِنْ مَلَكَهُ بِالْإِرْثِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْعِتْقِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ ضَمَانُ التَّمَلُّكِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمَا أَنَّ الْمُعْتِقَ إذَا كَانَ مُوسِرًا يَكُونُ الْوَلَاءُ كُلُّهُ لَهُ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ ضَمَانِ الِاسْتِيلَادِ الْوَاجِبِ بِسَبَبِ تَمَلُّكِ الْأُمِّ.

وَلَكِنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ هَذَا الضَّمَانُ عِنْدَ الْعُسْرِ وَضَمَانُ التَّمَلُّكِ لَا يَخْتَلِفُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، وَلَكِنَّ الْعَبْدَ يَسْعَى فِي قِيمَةِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ لِإِحْصَاءٍ مِنْهُ عِنْدَهُ فَإِنَّ الْقَرَابَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَلَدِ لَمْ تَثْبُتْ عِنْدَ تَكْذِيبِهِ فِي حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَةُ بَعْدَ الْمِلْكِ، وَكَذَّبَهُ الشَّرِيكُ وَهُوَ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْأَبِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَالْجَوَابُ فِي الْفَصْلَيْنِ وَاحِدٌ عِنْدَهُمَا، وَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِي عَبْدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ يُعْتِقُهُ أَحَدُهُمَا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْقَرَابَةَ لَا تَثْبُتُ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ مَعَ تَكْذِيبِهِ إيَّاهُ فَذَا الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ، وَالْأَجْنَبِيَّ فِيهِ سَوَاءٌ.

قَالَ: أَمَةُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَوَلَدَتْ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، وَأَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ، وَقَالَ الْمَوْلَى: بَلْ بِعْتهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَالْوَلَدُ مِنْهُ فَالْوَلَدُ مِنْ الزَّوْجِ بِتَصَادُقِهِمَا عَلَى الْفِرَاشِ الْمُثْبِتِ لِلنَّسَبِ لَهُ عَلَيْهَا مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي سَبَبِهِ، وَيُعْتَقُ بِإِقْرَارِ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَبَ مُقِرٌّ أَنَّ الْوَلَدَ مِلْكُهُ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ وَالْمَوْلَى مُقِرٌّ أَنَّهُ حُرٌّ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ فِي مِلْكِ الْأَبِ فَكَانَ حُرًّا بِإِقْرَارِ الْمَوْلَى، وَأُمُّهُ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى مُقِرٌّ لَهَا بِأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ وَالْمُسْتَوْلِدُ مُقِرٌّ بِأَنَّ إقْرَارَ الْمَوْلَى فِيهَا نَافِذٌ فَلِهَذَا كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ مَوْقُوفَةً لَا تَحِلُّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>