الْقَابِلَةِ، وَلَا صُنْعَ لَهَا فِي الْوِلَادَةِ لِيَسْتَوْجِبَ الْعُقُوبَةَ بِقَطْعِ النَّسَبِ عَنْهَا؛ وَلِأَنَّ الْمَعْنَى فِي جَانِبِ الرَّجُلِ الِاشْتِبَاهُ وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي جَانِبِهَا فَإِنَّ انْفِصَالَ الْوَلَدِ عَنْهَا مُعَايَنٌ فَلِهَذَا ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهَا. قَالَ
وَإِنْ أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ فَوَلَدَتْ هَذَا الْوَلَدَ، وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ نِكَاحًا فَاسِدًا أَوْ جَائِزًا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْهُ، وَإِنْ مَلَكَهُ؛ لِأَنَّ مَا ادَّعَتْ مِنْ الْفِرَاشِ لَمْ يَثْبُتْ بِقَوْلِهَا عِنْدَ جُحُودِهِ فَبَقِيَ فِي حَقِّهِ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الزِّنَا وَهُوَ غَيْرُ مُثْبِتٍ لِلنَّسَبِ سَوَاءٌ مَلَكَهُ أَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ، إلَّا أَنَّهُ إذَا مَلَكَهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَنْسُوبٍ إلَيْهِ فَكَمَا لَا يَثْبُتُ الرِّقُّ لِلْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَثْبُتُ عَلَى جُزْئِهِ، وَإِنَّمَا أَوْرَدَ هَذَا الْفَصْلَ لِإِزَالَةِ الْإِشْكَالِ فَإِنَّ بِدَعْوَاهَا النِّكَاحَ خَرَجَ الْفِعْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ زِنًا مَحْضًا لَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَجِبُ الْعُقْرُ لَهَا عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مُثْبِتٍ النَّسَبَ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ الْفِرَاشُ وَذَلِكَ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي حَقِّ الرَّجُلِ فَكَذَلِكَ إنْ أَقَامَتْ شَاهِدًا وَاحِدًا بِمَا ادَّعَتْ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَمْ يَثْبُتْ بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِإِقْرَارِهَا عَلَى نَفْسِهَا بِالْتِزَامِ الْعِدَّةِ؛ وَلِأَنَّهَا أَخَذَتْ الْمَهْرَ مِنْ الرَّجُلِ حِينَ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْهُ
وَإِنْ ادَّعَى الرَّجُلُ النِّكَاحَ، وَأَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِالزِّنَا فَعَلَيْهِ الْعُقْرُ لِسُقُوطِ الْحَدِّ عَنْهُ بِمَا ادَّعَى مِنْ الشُّبْهَةِ، وَلَمْ يَثْبُتُ فِرَاشُهُ عَلَيْهَا عِنْدَ جُحُودِهَا فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ، وَلَدِهَا مِنْهُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ مَلَكَ يَوْمًا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَإِنْ مَلَكَ أُمَّهُ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى جُحُودِهَا وَجُحُودِ سَيِّدِهَا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْعَمَلُ بِهِ لِكَوْنِ الْمَحَلِّ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ، وَإِذَا صَارَ مَمْلُوكًا لَهُ كَانَ كَالْمُجَدِّدِ لِذَلِكَ فَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ وَيَثْبُتُ أُمِّيَّةُ الْوَلَدِ لِلْأُمِّ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا أَوْ شَاهِدَيْنِ، وَلَمْ يَعْدِلَا؛ لِأَنَّ مَا أَقَامَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ وَعَلَى الْمَرْأَةِ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ اسْتَوْجَبَتْ الْمَهْرَ؛ وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ مُثْبِتَةٌ لِلِاحْتِيَاطِ
قَالَ: وَإِذَا وَلَدَتْ امْرَأَةُ الرَّجُلِ عَلَى فِرَاشِهِ فَقَالَ الزَّوْجُ زَنَى بِك فُلَانٌ، وَهَذَا الْوَلَدُ مِنْهُ وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ، وَأَقَرَّ فُلَانٌ بِذَلِكَ فَإِنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ ثَابِتٌ مِنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْفِرَاشِ، وَثُبُوتُ النَّسَبِ بِاعْتِبَارِ الْفِرَاشِ، وَبَعْدَ مَا ثَبَتَ بِفِرَاشِ النِّكَاحِ لَا يَنْقَطِعُ إلَّا بِاللِّعَانِ، وَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا لِإِقْرَارِهَا عَلَى نَفْسِهَا بِالزِّنَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ مُلْحَقٌ بِالصَّحِيحِ فِي حُكْمِ النَّسَبِ
قَالَ: وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ فَأَغْلَقَ عَلَيْهَا بَابًا أَوْ أَرْخَى حِجَابًا، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَهْرٌ؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ إنَّمَا كَانَ مُقَرًّا لِلْمَهْرِ بِاعْتِبَارِ مَا فِيهِ مِنْ التَّمَكُّنِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ، وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ شَرْعًا فَلِهَذَا سَقَطَ اعْتِبَارُ الْخَلْوَةِ، فَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُ وَفِي بَعْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute