للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى غَيْرِهَا إمَّا بِنِكَاحٍ أَوْ بِمِلْكِ يَمِينٍ فَإِذَا كَانَ الْوَلَدُ فِي يَدِهِ كَانَ نَسَبُهُ إلَيْهِ مِنْ أَيِّ فِرَاشٍ حَصَلَ لَهُ، وَأَمَّا ثُبُوتُ الْفِرَاشِ لَهُ عَلَيْهَا يُنَافِي فِرَاشَ آخَرَ عَلَيْهَا لِغَيْرِهِ، وَكَانَ هَذَا الْفِرَاشُ فِي حَقِّهَا مُتَعَيَّنًا، وَبِاعْتِبَارِهِ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ مِنْ هَذَا الزَّوْجِ؛ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي يَدِ الرَّجُلِ، وَالْوَلَدُ الَّذِي فِي يَدِهَا مِنْ وَجْهٍ كَأَنَّهُ فِي يَدِهِ فَأَمَّا الزَّوْجُ لَيْسَ فِي يَدِ امْرَأَتِهِ فَمَا فِي يَدِهِ لَا يَكُونُ فِي يَدِهَا فَلِهَذَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا

وَإِذَا نَفَى الرَّجُلُ وَلَدَ امْرَأَتِهِ، وَفَرَغَا مِنْ اللِّعَانِ عِنْدَ الْقَاضِي فَقَبِلَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا وَيَقْطَعَ النَّسَبَ مِنْ الْأَبِ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا فَالْوَلَدُ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ نَفْسَ اللِّعَانِ لَا يَقْطَعُ النَّسَبَ مَا لَمْ يَقْطَعْهُ الْقَاضِي إذْ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ اللِّعَانِ قَطْعُ النَّسَبِ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا إذَنْ اعْتَرَضَ قَبْلَ قَطْعِ النَّسَبِ مَا لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فِي الِابْتِدَاءِ مُنِعَ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا فَكَذَلِكَ يُمْنَعُ قَطْعُ النَّسَبِ بِهِ، وَكَمَا يَتَقَرَّرُ حُكْمُ النَّسَبِ بِمَوْتِ الْوَلَدِ فَكَذَلِكَ بِمَوْتِ الْأَبِ لِاسْتِحْقَاقِ الْوَلَدِ الْمِيرَاثَ مِنْهُ.

وَلَوْ كَانَتْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ تَوْأَمًا فَعَلِمَ أَحَدَهُمَا فَنَفَاهُ، وَلَاعَنَ وَأَلْزَمَهُ الْقَاضِي أُمَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ عَلِمَ بِالْآخَرِ فَهُمَا ابْنَاهُ؛ لِأَنَّ نَسَبَهُمَا ثَبَتَ مِنْهُ بِاعْتِبَارِ الْفِرَاشِ، وَإِنَّمَا جَرَى اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَلَدِ الَّذِي نَفَاهُ فَبَقِيَ نَسَبُ الْآخَرِ ثَابِتًا كَمَا كَانَ، وَقَدْ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنهمَا فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْفِيَ نَسَبَ الْآخَرِ بِاللِّعَانِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَمِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ نَسَبِ أَحَدِهِمَا ثُبُوتُ نَسَبِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُمَا تَوْأَمٌ يُقَرِّرُهُ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ جَعْلِ أَحَدِهِمَا أَصْلًا، وَإِلْحَاقُ الْآخَرِ بِهِ وَاَلَّذِي انْقَطَعَ نَسَبُهُ مِنْهُ بِاللِّعَانِ مُحْتَمِلٌ لِلثُّبُوتِ مِنْهُ بِالْإِكْذَابِ وَاَلَّذِي نَفَى ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْهُ بَعْدَ الْفُرْقَةِ تَسْمِيَةً لَا تَحْتَمِلُ النَّفْيَ عَنْهُ فَجَعْلُ هَذَا أَصْلًا أَوْلَى.

وَلِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ فِي مَوْضِعِ الشُّبْهَةِ فَلَا يَنْتَفِي بِمُجَرَّدِ الشُّبْهَةِ فَتَرَجُّحُ الْجَانِبِ الَّذِي فِيهِ شُبْهَةٌ أَوْلَى فَإِنْ عَلِمَ بِالثَّانِي قَبْلَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا فَنَفَاهُ أَعَادَ اللِّعَانَ وَأَلْزَمَ الْوَلَدَيْنِ الْأُمَّ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ بَيْنَهُمَا قَائِمٌ عِنْدَ نَفْيِ الْوَلَدِ الثَّانِي فَيَجْرِي اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا لِقَطْعِ نَسَبِهِ كَالْوَلَدِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ أَكْذَبَ الْمُلَاعِنُ نَفْسَهُ بِالدَّعْوَةِ بَعْدَ مَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ نَفَى مَوْقُوفًا عَلَى حَقِّهِ حَتَّى لَوْ ادَّعَاهُ غَيْرُهُ لَمْ يَثْبُتْ مِنْهُ فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ الْإِنْكَارِ صَحَّ إقْرَارُهُ وَعَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَذَفَهَا وَهِيَ مُحْصَنَةٌ فَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ عِنْدَ خُصُومَتِهَا، وَهَذَا إذَا كَانَ الِابْنُ حَيًّا سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُمُّ حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ قَدْ مَاتَ وَتَرَكَ مِيرَاثًا، ثُمَّ أَعَادَهُ الْأَبُ لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّ الْأَبَ مُدَّعٍ لِلْمَالِ لَا مُقِرٌّ بِالنَّسَبِ فَإِنَّ الْوَلَدَ بِالْمَوْتِ قَدْ اسْتَغْنَى عَنْ الشَّرَفِ بِالنَّسَبِ وَبِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لَا يَسْتَحِقُّ الْمَالَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُنَاقِضًا فِي الدَّعْوَى فَإِذَا كَانَ مُنَاقِضًا أَوْلَى إلَّا أَنْ يَكُونَ تَرَكَ ابْنَ الْمُلَاعَنَةِ وَلَدًا أَوْ أُنْثَى فَحِينَئِذٍ صَدَقَ الْأَبُ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>