ذَلِكَ لِمُدَّةٍ يُتَوَهَّمُ أَنْ يَكُونَ مِنْ عُلُوقٍ حَادِثٍ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ فَإِنْ ادَّعَاهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ مَعْنَاهُ إذَا صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ فَإِنَّ الْحَقَّ لَهُمَا فَيَثْبُتُ بِتَصَادُقِهِمَا عَلَيْهِ فَأَمَّا إذَا كَذَّبَتْهُ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْهُ، وَإِنْ ادَّعَاهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَجْنَبِيًّا عَنْهَا وَعَنْ أَوْلَادِهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا أَنَّ الْعُلُوقَ بِهِ كَانَ قَبْلَ إقْرَارِهَا، وَأَنَّهَا كَانَتْ حُبْلَى حِينَ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَكَانَ خَبَرُهَا مُسْتَنْكَرًا مَرْدُودًا، وَإِنْ كَانَتْ تَزَوَّجَتْ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الْآخَرُ فَهُوَ لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهَا نَفْسَهَا إقْرَارٌ مِنْهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْعُلُوقَ سَبَقَ نِكَاحَهُ، وَإِنْ كَانَتْ جَاءَتْ بِهِ لِسَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْ الْأَوَّلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ عُلُوقٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْفُرْقَةِ فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ وَتُصَدِّقُهُ الْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ فَهُوَ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الْأَوَّلِ، وَلَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّانِي، وَتَأْوِيلُ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَوْ أَقَرَّتْ بِهِ، ثُمَّ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ أَقَرَّتْ.
قَالَ: رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الصَّغِيرَةَ وَمَاتَ عَنْهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ تَدَّعِيَ الْحَبَلَ أَوْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَوْ كَانَتْ سَاكِتَةً فَإِنْ ادَّعَتْ حَبَلًا، ثُمَّ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ مَاتَ الزَّوْجُ أَوْ فَارَقَهَا ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهَا الْحَبَلَ إقْرَارٌ مِنْهَا بِالْبُلُوغِ فَهِيَ وَالْكَبِيرَةُ سَوَاءٌ، وَإِنْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عِنْدَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْفُرْقَةِ أَوْ أَرْبَعِ أَشْهُرٍ، وَعَشْرٍ مُنْذُ مَاتَ الزَّوْجُ، ثُمَّ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ أَقَرَّتْ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَ الْإِقْرَارِ إنْ كَانَتْ بَالِغَةً فَقَدْ ظَهَرَ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِإِقْرَارِهَا، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً فَقَدْ تَيَقَّنَّا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي الْفُرْقَةِ، وَبِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ فِي الْمَوْتِ فَإِنَّمَا، وَلَدَتْ لِمُدَّةِ حَبَلٍ تَامٍّ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ سَاكِتَةً.
فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ إنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ فَارَقَهَا وَلِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ مَاتَ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ. وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ كَانَ النَّسَبُ ثَابِتًا مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا جَاءَتْ بِهِ لِمُدَّةٍ يُتَوَهَّمُ أَنْ يَكُونَ مِنْ عُلُوقٍ فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ؛ وَهَذَا لِأَنَّ الْمُرَاهِقَةَ بُلُوغُهَا مَوْهُومٌ، وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا فَإِذَا لَمْ يُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَهِيَ، وَالْكَبِيرَةُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا بِالشُّهُورِ أَنْ لَا تَكُونَ حَامِلًا، وَهَذَا الشَّرْطُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ قِبَلِهَا وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ قَالَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute