للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ لَوْ جَاءَتْ الزَّوْجَةُ بِصَبِيٍّ فَادَّعَتْ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ، وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ فَفِي اسْتِحْلَافِهِ خِلَافٌ كَمَا بَيَّنَّا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْمَوْلَى أَوْ الزَّوْجَ جَاءَ بِصَبِيٍّ وَادَّعَى أَنَّهَا، وَلَدَتْهُ مِنْهُ، وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهَا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا عِنْدَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الِابْنُ هُوَ الَّذِي ادَّعَى النَّسَبَ عَلَى الْأَبِ أَوْ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ وَطَلَبَ يَمِينَ الْمُنْكِرِ فَلَا يَمِينَ فِي الْوَجْهَيْنِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ بِذَلِكَ مِيرَاثًا قِبَلَ صَاحِبِهِ فَحِينَئِذٍ يُسْتَحْلَفُ عَلَى الْمِيرَاثِ دُونَ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ مِمَّا يَعْمَلُ فِيهِ الْبَدَلُ فَيَجُوزُ الْقَضَاءُ فِيهِ بِالنُّكُولِ بِخِلَافِ النَّسَبِ، وَإِذَا اسْتَحْلَفَهُ فَنَكَلَ قُضِيَ بِالْمَالِ دُونَ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْحُكْمَيْنِ يَنْفَصِلُ عَنْ الْآخَرِ وَعِنْدَ النُّكُولِ إنَّمَا يُقْضَى بِمَا جَرَى فِيهِ الِاسْتِحْلَافُ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى سَرِقَةَ مَالٍ عَلَى رَجُلٍ فَاسْتُحْلِفَ فَنَكَلَ يُقْتَضَى بِالْمَالِ دُونَ الْقَطْعِ فَهَذَا مِثْلُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى مِيرَاثًا بِالْوَلَاءِ فَهُوَ وَدَعْوَاهُ الْمِيرَاثَ بِالنَّسَبِ سَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ

قَالَ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَرِثَ دَارًا مِنْ أَبِيهِ فَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ قَدْ وَرِثَ أَبَاهُ مَعَهُ هَذِهِ الدَّارِ وَجَحَدَ ذُو الْيَدِ ذَلِكَ لَمْ يُسْتَحْلَفْ عَلَى النَّسَبِ هُنَا بِالِاتِّفَاقِ أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُشْكِلُ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا كُلُّ نَسَبٍ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَمْ يَصِحَّ لَا يُسْتَحْلَفُ عَلَى ذَلِكَ إذَا أَنْكَرَهُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ النُّكُولَ عِنْدَهُمَا قَائِمٌ مَقَامَ الْإِقْرَارِ، وَالْأُخُوَّةُ لَا تَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ لَوْ أَقَرَّ بِهَا فَكَذَلِكَ لَا يُسْتَحْلَفُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأُبُوَّةِ، وَالْبُنُوَّةِ، وَلَكِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ مَا يَعْلَمُ لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ نَصِيبًا كَمَا يَدَّعِي الْمَالَ، وَالِاسْتِحْلَافُ يَجْرِي فِي الْمَالِ إلَّا أَنَّهُ اسْتِحْلَافٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْإِرْثَ مِنْ الْمَيِّتِ بِسَبَبٍ بَيْنَهُمَا وَالِاسْتِحْلَافُ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ يَكُونُ عَلَى الْعِلْمِ لَا عَلَى الثَّبَاتِ.

قَالَ: جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنَيْنِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْأَكْبَرَ، ثُمَّ ادَّعَى الْآخَرُ الْأَصْغَرَ لَمْ تَجُزْ دَعْوَةُ صَاحِبِ الْأَصْغَرِ؛ لِأَنَّ الْعُلُوقَ بِهِمَا حَصَلَ فِي مِلْكِهِمَا فَحِينَ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْأَكْبَرَ صَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ مِنْ حِينَ عَلِقَتْ بِالْأَكْبَرِ، ثُمَّ الْأَصْغَرُ وَلَدُ أُمِّ وَلَدِهِ وَالشَّرِيكُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ، وَمَنْ ادَّعَى وَلَدَ أُمِّ وَلَدِ الْغَيْرِ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَتُهُ، وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْأَصْغَرِ ادَّعَى الْأَصْغَرَ أَوَّلًا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا مَعَ الْوَلَدَيْنِ حِينَ ادَّعَى مُدَّعِي الْأَصْغَرِ، وَمَا ادَّعَاهُ يَحْتَاجُ إلَى النَّسَبِ فَيَثْبُتُ نَسَبُ الْأَصْغَرِ مِنْهُ وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ عُقْرِهَا لِشَرِيكِهِ، وَتَصِحُّ دَعْوَةُ مُدَّعِي الْأَكْبَرِ لِلْأَكْبَرِ؛ لِأَنَّهُ نَفْيٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ لَهَا إنَّمَا يَثْبُتُ مِنْ حِينَ عَلِقَتْ بِالْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرُ مُنْفَصِلٌ عَنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَلِهَذَا بَقِيَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَإِنْ ادَّعَاهُ مُدَّعِي الْأَكْبَرِ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى النَّسَبِ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهِ لِشَرِيكِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ بِالدَّعْوَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>