لَا يَكُونُ حُرًّا، وَقَدْ بَيَّنَّا بَعْضَ هَذَا فِيمَا سَبَقَ قَالَ: وَكَذَلِكَ إذَا صَارَ الْمُكَاتَبُ مَغْرُورًا بِالشِّرَاءِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ إلَّا أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ هُنَاكَ الْوَلَدُ يَكُونُ حُرًّا وَهُنَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِ مُكَاتَبًا
قَالَ: رَجُلٌ اشْتَرَى أُمَّ وَلَدٍ لِرَجُلٍ أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُدَبَّرَةً مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَوَطِئَهَا فَوَلَدَتْ، ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا مَوْلَاهَا قُضِيَ لَهُ بِهَا، وَعَلَى أَبِ الْوَلَدِ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِمَوْلَى الْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ بِسَبَبِ الْغُرُورِ، وَلَا يُقَالُ وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ لَا مَالِيَّةَ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَأُمِّهِ فَكَيْفَ يُضْمَنُ بِالْغُرُورِ؛ لِأَنَّ هَذَا بَعْدَ ثُبُوتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ عَلِقَ حُرَّ الْأَصْلِ فَلِهَذَا كَانَ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ، وَعَلَى الْأَبِ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِلْمُكَاتَبَةِ قَالَ: لِأَنَّ الَّذِي غَرَّهُ مِنْهَا، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْغُرُورُ مِنْهَا لَا يَسْتَوْجِبُ قِيمَةَ الْوَلَدِ، وَفِيهِ قَوْلَانِ لِأَبِي يُوسُفَ مَعْرُوفٌ فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْغُرُورُ مِنْ غَيْرِهَا وَجَبَ عَلَى الْأَبِ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَيَكُونُ ذَلِكَ لِلْمُكَاتَبَةِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَحَقَّ بِوَلَدِهَا لِكَوْنِهِ جُزْءًا مِنْهَا فَكَذَلِكَ بِبَدَلِ وَلَدِهَا.
قَالَ: مُكَاتَبٌ أَوْ عَبْدٌ مَأْذُونٌ بَاعَ أَمَةً فَاسْتَوْلَدَهَا الْمُشْتَرِي، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ أَبُ الْوَلَدِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ لِاسْتِحْقَاقِ صِفَةِ السَّلَامَةِ لَهُ بِعَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ عَلَى الْبَائِعِ، وَالْمُكَاتَبُ وَالْمَأْذُونُ فِي هَذَا كَالْحُرِّ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ التِّجَارَةِ بِمَنْزِلَةِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَالرُّجُوعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الرَّدِّ عَلَيْهِ
قَالَ: رَجُلٌ وَرِثَ أَمَةً مِنْ أَبِيهِ فَاسْتَوْلَدَهَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ لِتَحَقُّقِ الْغُرُورِ فِي حَقِّ الْوَارِثِ فَإِنَّمَا اسْتَوْلَدَهَا عَلَى أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِكَوْنِهَا مُسْتَحَقَّةً، ثُمَّ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الَّذِي كَانَ بَاعَهَا مِنْ الْمُوَرِّثِ؛ لِأَنَّهُ يَخْلُفُ الْمُوَرِّثَ فِي مِلْكِهِ فَإِنَّمَا يَصِلُ إلَيْهِ الْمِلْكُ الَّذِي كَانَ لِمُوَرِّثِهِ لَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِلْكًا جَدِيدًا لَهُ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ يَرُدُّهُ بِالْعَيْبِ، وَيَكُونُ فِيهِ كَالْمُوَرِّثِ فَكَذَلِكَ الرُّجُوعُ بِسَبَبِ الْغُرُورِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ، ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِ الْمُوصَى لَهُ بِعَقْدٍ مُتَجَدِّدٍ، وَذَلِكَ الْمِلْكُ غَيْرُ الْمِلْكِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْبَائِعِ بِبَيْعِهِ؛ وَلِهَذَا لَا يَرُدُّهُ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ فَكَذَلِكَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِضَمَانِ الْغُرُورِ.
قَالَ: رَجُلٌ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ أَوْ لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَاسْتَوْلَدَهَا الْوَارِثُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَدْ عَلِمَ بِإِقْرَارِ الْأَبِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى لِلْمُسْتَحِقِّ بِهَا وَبِوَلَدِهَا مَمْلُوكَيْنِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ غَيْرُ مَغْرُورٍ هُنَا فَإِنَّهُ أَقْدَمَ عَلَى اسْتِيلَادِهَا مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لَهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً لِمُوَرِّثِهِ فَصَارَ رَاضِيًا بِرِقِّ مَائِهِ، وَكَانَ الْوَلَدُ مِلْكًا لِلْمُسْتَحِقِّ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ الْمَرِيضُ بِهَا لِغَيْرِهِ، وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ فَاسْتَوْلَدَهَا الْوَارِثُ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَالْعُقْرِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْرُورِ فِيهَا فَإِنَّ الِاخْتِلَافَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute