للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَ دِرْهَمٍ فَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ مَتَى ذُكِرَ الْوَصْفُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ، فَإِنْ أُلْحِقَ بِهِ حَرْفُ الْهَاءِ يَكُونُ الْوَصْفُ مُنْصَرِفًا إلَى الْمَذْكُورِ آخِرًا، وَإِنْ لَمْ يُقْرَنْ بِهِ حَرْفُ الْهَاءِ يَكُونُ نَعْتًا لِلْمَذْكُورِ أَوَّلًا كَالرَّجُلِ يَقُولُ: جَاءَنِي زَيْدٌ قَبْلَ عَمْرٍو وَيَكُونُ قَبْلُ نَعْتًا لِمَجِيءِ زَيْدٍ، وَلَوْ قَالَ: جَاءَنِي زَيْدٌ قَبْلَهُ عَمْرٍو يَكُونُ " قَبْلُ " نَعْتًا لِمَجِيءِ عَمْرٍو إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ إذَا قَالَ لَهُ: عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مَعَ أَوْ مَعَهُ دِرْهَمٌ فَكَلِمَةُ مَعَ الضَّمُّ وَالْقِرَانُ سَوَاءٌ جُعِلَ نَعْتًا لِلْمَذْكُورِ أَوَّلًا أَوْ آخِرًا وَصَارَ مُقِرًّا بِهِمَا لِضَمِّهِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ فِي الْإِقْرَارِ.

وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ دِرْهَمٌ قَبْلَ دِرْهَمٍ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ قَبْلَ نَعْتٌ لِلْمَذْكُورِ أَوَّلًا فَكَأَنَّهُ قَالَ قَبْلَ دِرْهَمٍ آخَرَ يَجِبُ عَلَيَّ، وَلَوْ قَالَ قَبْلَهُ دِرْهَمٌ فَعَلَيْهِ دِرْهَمَانِ لِأَنَّهُ نَعْتٌ لِلْمَذْكُورِ آخِرًا أَيْ قَبْلَهُ دِرْهَمٍ قَدْ وَجَبَ عَلَيَّ.

وَلَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ بَعْدَ دِرْهَمٍ أَوْ بَعْدَهُ دِرْهَمٌ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ؛ لِأَنَّ بَعْدَ دِرْهَمٍ قَدْ وَجَبَ عَلَيَّ أَوْ بَعْدَهُ دِرْهَمٌ قَدْ وَجَبَ لَا يُفْهَمُ مِنْ الْكَلَامِ إلَّا هَذَا. وَكَذَلِكَ لَوْ سَمَّى أَحَدَهُمَا دِينَارًا أَوْ قَفِيزَ حِنْطَةٍ، وَفِي قَوْلِهِ بَعْدَهُ دِرْهَمٌ الْإِقْرَارُ مُخَالِفٌ لِلطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بَعْدَ الطَّلَاقِ هُنَاكَ لَا يَقَعُ وَالدِّرْهَمُ بَعْدَ الدِّرْهَمِ يَجِبُ دَيْنًا. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لِلْعَطْفِ وَمُوجَبُ الْعَطْفِ الِاشْتِرَاكُ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي الْخَبَرِ فَصَارَ مُقِرًّا بِهِمَا.

وَلَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْفَاءَ لَيْسَتْ لِلْعَطْفِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الِاشْتِرَاكُ بَلْ مَعْنَى قَوْلِهِ " فَدِرْهَمٌ " أَيْ فَعَلَيَّ ذَلِكَ الدِّرْهَمُ وَكُنَّا نَقُولُ الْفَاءُ لِلْوَصْلِ وَالتَّعْقِيبِ، فَقَدْ جُعِلَ الثَّانِي مَوْصُولًا بِالْأَوَّلِ وَلَا يَتَحَقَّقُ هَذَا الْوَصْلُ إلَّا بِوُجُوبِهِمَا، وَكَانَ هَذَا الْوَصْلُ فِي مَعْنَى الْعَطْفِ. وَكَذَلِكَ التَّعْقِيبُ يَتَحَقَّقُ فِي الْوُجُوبِ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْوَاجِبِ فَكَانَ مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ وُجُوبَ الثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ فِي هَذَا عَمَلٌ بِحَقِيقَةِ كَلَامِهِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْإِضْمَارِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْخَصْمُ؛ لِأَنَّ الْإِضْمَارَ فِي الْكَلَامِ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ هُنَا.

وَلَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ كَرَّرَ لَفْظَهُ الْأَوَّلِ وَالتَّكْرَارُ لَا يُوجِبُ الْمُغَايَرَةَ إذَا لَمْ يَتَخَلَّلْهَا حَرْفُ الْعَطْفِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَخَلَّلْهَا حَرْفُ الْوَاوِ فَإِنَّ الْمَعْطُوفَ غَيْرُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ حَرْفَ الْبَاءِ يَصْحَبُ الْأَعْوَاضَ فَكَانَ مَعْنَى كَلَامِهِ بِدِرْهَمٍ اسْتَقْرَضْتُهُ أَوْ بِدِرْهَمٍ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ.

وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ دِرْهَمٌ عَلَيَّ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مَنْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ عَلَيَّ دِرْهَمٌ، وَالْأَصَحُّ مَا قُلْنَا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ عَلَيَّ دِرْهَمٌ، وَقَدْ أَعَادَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَوْلَهُ لَهُ فِي الْكَلَامِ الثَّانِي، فَقَالَ لَهُ: عَلَيَّ دِرْهَمٌ، وَبِهَذَا تَرْتَفِعُ الشُّبْهَةُ وَلَا يَلْزَمُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>