نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ ثَوْبٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا فَإِقْرَارُهُ فِي نَصِيبِ الثَّوْبِ الَّذِي عَيَّنَهُ صَادَفَ مِلْكَهُ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى شَرِيكِهِ فَصَحَّ بِخِلَافِ الدَّارِ الْوَاحِدَةِ؛ لِأَنَّ الْمَرَافِقَ هُنَاكَ مُتَّصِلَةٌ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ فَفِي تَصْحِيحِ الْإِقْرَارِ إضْرَارٌ بِالشَّرِيكِ، وَهُنَا بَعْضُ الثِّيَابِ غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ بِالْبَعْضِ، وَلَيْسَ فِي تَصْحِيحِ الْإِقْرَارِ إضْرَارٌ بِالشَّرِيكِ إذْ لَا فَرْقَ فِي حَقِّهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ شَرِيكُهُ فِي هَذَا الثَّوْبِ الْمُقِرِّ أَوْ الْمُقَرُّ لَهُ، وَالرَّقِيقُ وَالْحَيَوَانُ قِيَاسٌ عَلَى الثِّيَابِ فِي ذَلِكَ.
وَلَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِبَيْتٍ بِعَيْنِهِ لِرَجُلٍ وَأَنْكَرَ شَرِيكُهُ وَأَقَرَّ بِبَيْتٍ لِآخَرَ وَأَنْكَرَ صَاحِبُهُ ذَلِكَ فَالدَّارُ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ وَقَعَ الْبَيْتُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ فِي نَصِيبِهِ يُسَلِّمُهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ فِي نَصِيبِهِ قُسِّمَ مَا أَصَابَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الْبَيْتِ، وَعَلَى نِصْفِ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ بَعْدَ الْبَيْتِ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ قِسْمَةِ نَصِيبِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي إقْرَارِ أَحَدِهِمَا بِهِ.
وَلَوْ أَنَّ طَرِيقًا لِقَوْمٍ عَلَيْهَا بَابٌ مَنْصُوبٌ أَقَرَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِطَرِيقٍ فِيهِ لِرَجُلٍ لَمْ يَجُرْ إقْرَارُهُ عَلَى شُرَكَائِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَمُرَّ فِيهِ حَتَّى يَقْتَسِمُوهَا؛ لِأَنَّ مُرُورَهُ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ لَا يَتَحَقَّقُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، فَإِنْ وَقَعَ مَوْضِعُ الطَّرِيقِ بِالْقِسْمَةِ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الضَّرَرَ قَدْ انْدَفَعَ عَنْ شُرَكَائِهِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ غَيْرِهِ كَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يُقَاسِمَ الْمُقَرَّ بِهِ نَصِيبَهُ بِحِصَّةِ ذَلِكَ الطَّرِيقِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الْبَيْتِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مَسْأَلَةِ الطَّرِيقِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَأَعَادَهَا هُنَا لِلْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّهْرِ إذَا كَانَ بَيْنَ قَوْمٍ وَأَقَرَّ أَحَدُهُمْ بِشُرْبٍ فِيهِ لِرَجُلٍ لَمْ يُجَرْ عَلَى شُرَكَائِهِ لِمَا قُلْنَا، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَأَقَرَّ أَحَدُهُمْ أَنَّ عُشْرَ النَّهْرِ لِهَذَا الرَّجُلِ دَخَلَ عَلَيْهِ فِي حِصَّتِهِ فَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى مِقْدَارِ نَصِيبِهِ، وَعَلَى عَشَرَةٍ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عُشْرُ الطَّرِيقِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَمُرَّ فِيهِ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَا تُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ، وَعِنْدَ الْمُرُورِ فِي النَّهْرِ يَتَحَاصُّونَ فِيهِ بِقَدْرِ شُرْبِهِمْ فَيَكُونُ ذَلِكَ قِسْمَةً بَيْنَهُمْ فِي الْمَاءِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} [القمر: ٢٨]، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الشعراء: ١٥٥] فَيُمْكِنُ إدْخَالُ الْمُقِرِّ مَعَ الْمُقَرِّ لَهُ فِي نَصِيبِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى شُرَكَائِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ عَيْنٌ أَوْ رُكِيٌّ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ أَحَدُهُمْ أَقَرَّ أَنَّ عُشْرَهَا لِرَجُلٍ دَخَلَ الْمُقِرُّ فِي حِصَّتِهِ، فَإِنْ قَالَ الْمُقِرُّ: لَهُ الْعُشْرُ وَلِي الثُّلُثُ فَحِصَّتُهُ تَكُونُ مَقْسُومَةً عَلَى ذَلِكَ يَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ فِيهِ بِسَهْمٍ وَالْمُقِرُّ بِثَلَاثَةٍ وَثُلُثٍ، فَإِذَا أَرَدْتَ تَصْحِيحَ السِّهَامِ فَالْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِلْمُقَرِّ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْمُقِرِّ عَشَرَةٌ، وَإِنْ قَالَ: لَهُ الْعُشْرُ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فَقِسْمَةُ نَصِيبِهِ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ لِلْمُقَرِّ لَهُ سَهْمٌ وَلِلْمُقَرِّ ثَلَاثَةٌ.
وَلَوْ أَنَّ سَيْفًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ حِلْيَتُهُ فِضَّةٌ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute