للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ حِلْيَتَهُ لِرَجُلٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَلَى شَرِيكِهِ وَضَمِنَ الْمُقِرُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْحِلْيَةِ مَصُوغَةً مِنْ الذَّهَبِ أَوْ مَا كَانَتْ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ الْإِقْرَارِ بِالْقِسْمَةِ غَيْرُ مُمْكِنِ، وَفِي زَعْمِ الْمُقِرِّ أَنَّ الْحِلْيَةَ لِلْمُقَرِّ لَهُ اُحْتُبِسَ نِصْفُهَا فِي يَدِ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَكُونُ هُوَ ضَامِنًا لِمَا احْتَبَسَ عِنْدَهُ مِنْ مِلْكِ الْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ قِيمَتَهُ مِنْ الذَّهَبِ لِلتَّحَرُّزِ عَنْ الرِّبَا. وَكَذَلِكَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّارِ إذَا أَقَرَّ بِجِذْعٍ فِي سَقْفٍ مِنْهَا لِرَجُلٍ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَةِ الْجِذْعِ لِلْمُقَرِّ لَهُ لِاحْتِبَاسِ هَذَا النِّصْفِ فِي يَدِهِ مِنْ مِلْكِ الْمُقَرِّ لَهُ بِزَعْمِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِآجُرٍّ فِي حَائِطٍ مِنْهَا أَوْ بِعُودٍ مِنْ قُبَّةٍ أَوْ بِلَوْحٍ مِنْ بَابٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ الْإِقْرَارِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ بِالْقِسْمَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَإِنَّ الْمُقَرَّ بِهِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ لِمَا فِي نَزْعِهِ مِنْ الضَّرَرِ.

وَلَوْ كَانَتْ دَارٌ لِرَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ بَيْتٍ مِنْهَا بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: إنَّ بَيْعَهُ صَادَفَ مِلْكَهُ وَتَسْلِيمُهُ بِالتَّخْلِيَةِ مُمْكِنٌ فَكَانَ بَيْعُهُ صَحِيحًا. وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَوْ جَازَ بَيْعُهُ لِنِصْفِ الْبَيْتِ لَتَضَرَّرَ بِهِ شَرِيكُهُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى قِسْمَتَيْنِ قِسْمَةٌ مَعَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْتِ وَقِسْمَةٌ مَعَ الشَّرِيكِ فِي بَقِيَّةِ الدَّارِ فَيَتَضَرَّرُ بِتَفَرُّقِ مِلْكِهِ، وَالْبَيْعُ إذَا وَقَعَ عَلَى وَجْهٍ يَتَضَرَّرُ بِهِ الْبَائِعُ لَمْ يَجُزْ، فَإِذَا وَقَعَ عَلَى وَجْهٍ يَتَضَرَّرُ بِهِ شَرِيكُهُ أَوْلَى.

رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: لَكَ عَلَيَّ أَوْ عَلَى مُكَاتَبِي فُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ فِي حَقِّهِ كَالْحُرِّ لَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَكَ عَلَيَّ أَوْ عَلَى فُلَانٍ الْحُرِّ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَفِي هَذَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ حَرْفَ " أَوْ " فِي مَوْضِعِ الْإِثْبَاتِ عَمَلُهُ فِي إثْبَاتِ أَحَدِ الْمَذْكُورَيْنِ فَلَا يَكُونُ مُلْتَزِمًا لِلْمَالِ بِهَذَا الْإِقْرَارِ حِينَ جَعَلَهُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، فَإِنْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ، فَقَدْ ازْدَادَ بُعْدًا مِنْ مَوْلَاهُ فَيَكُونُ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا، وَإِنْ عَجَزَ وَرُدَّ فِي الرِّقِّ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَالْإِقْرَارُ جَائِزٌ كَمَا لَوْ جَدَّدَهُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي رَقَبَتِهِ خَلَصَ لَهُ.

وَلَوْ اسْتَأْنَفَ الْإِقْرَارَ، فَقَالَ: لَكَ عَلَيَّ أَوْ عَلَى عَبْدِي هَذَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَا دَيْنَ عَلَى الْعَبْدِ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَتَخَيَّرَ بَيْنَ أَنْ يُلْزِمَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ لِأَنَّ كَلَامَهُ الْآنَ صَارَ الْتِزَامًا بِيَقِينٍ فَإِنَّ الدَّيْنَ لَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ بَلْ يَكُونُ شَاغِلًا مَالِيَّةَ رَقَبَتِهِ، وَذَلِكَ خَالِصُ حَقِّ الْمَوْلَى بِمَنْزِلَةِ ذِمَّةِ نَفْسِهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ عَلَى عَبْدِهِ صَحَّ الْإِقْرَارُ، وَلَوْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ صَحَّ أَيْضًا، فَإِذَا جَعَلَ إقْرَارَهُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَهُمَا كَانَ صَحِيحًا وَبِهِ فَارَقَ حَالَ قِيَامِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ لَوْ أَقَرَّ عَلَى مُكَاتَبِهِ خَاصَّةً لَمْ يَكُنْ الْإِقْرَارُ صَحِيحًا إلَّا أَنْ يَعْجِزَ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ فَكَذَلِكَ إذَا جَعَلَهُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ.

وَلَوْ أَقَرَّ عَلَى عَبْدِهِ التَّاجِرِ بِدَيْنٍ وَالْعَبْدُ يَجْحَدُهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِقِيمَتِهِ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ وَكَسْبَهُ حَقُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>