للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ عَلَيْهِ، فَإِنْ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي يَدِ صَاحِبِهِ أَمَانَةٌ، وَالِاخْتِلَاطُ يَحْصُلُ مِنْ غَيْرِ خَلْطٍ فَدَعْوَاهُ الْخَلْطَ دَعْوَى السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً فَلَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ إلَّا بِحُجَّةٍ.

وَلَوْ قَالَ: فِي زَيْتِي هَذَا لِفُلَانٍ رِطْلٌ مِنْ زِئْبَقٍ، وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْتَ خَلَطْتَهُ لَمْ يُصَدَّقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي دَعْوَاهُ إلَّا بِحُجَّةٍ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِلضَّمَانِ عَلَى شَرِيكِهِ ابْتِدَاءً، وَلَكِنَّهُ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ، وَإِذَا حَلَفَا فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي الزَّيْتِ يُبَاعُ فَيَضْرِبُ صَاحِبُ الزِّئْبَقِ فِيهِ بِقِيمَةِ رِطْلٍ مِنْ زَيْتٍ لَا بِقِيمَةِ رِطْلٍ مِنْ زِئْبَقٍ وَيَضْرِبُ الْآخَرُ بِقِيمَةِ مَا بَقِيَ مِنْ الزَّيْتِ قَالَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ زَيْتًا كُلَّهُ، وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ الزَّيْتَ هُوَ الْغَالِبُ، وَالزِّئْبَقُ يَصِيرُ كَالْمُسْتَهْلَكِ فِيهِ وَقِيمَةُ الزِّئْبَقِ تُنْتَقَصُ بِالِاخْتِلَاطِ، وَهَذَا النُّقْصَانُ حَصَلَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ فَيَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الزِّئْبَقِ، وَإِنَّمَا يَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الثَّمَنِ بِقِيمَةِ مِلْكِهِ كَمَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ وَعَقْدُ الْكُلِّ زَيْتٌ فَلِهَذَا ضَرَبَ بِقِيمَةِ رِطْلٍ مِنْ زَيْتٍ.

وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَمْسُونَ رِطْلًا مِنْ زِئْبَقٍ فَأَقَرَّ أَنَّ فِيهِ لِرَجُلٍ رِطْلًا مِنْ بَنَفْسَجٍ بِعْتُهُ وَقَسَمْتُ الثَّمَنَ بَيْنَهُمَا يَضْرِبُ فِيهِ صَاحِبُ الْبَنَفْسَجِ بِقِيمَةِ رِطْلٍ مِنْهُ وَصَاحِبُ الزِّئْبَقِ بِقِيمَةِ زِئْبَقِهِ؛ لِأَنَّ الْبَنَفْسَجَ بِالِاخْتِلَاطِ بِالزِّئْبَقِ تَزْدَادُ قِيمَتُهُ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ حَصَلَتْ مِنْ مِلْكِ صَاحِبِ الزِّئْبَقِ فَلَا يَضْرِبُ بِهَا مَعَ صَاحِبِ الزِّئْبَقِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ضَرْبُهُ بِقِيمَةِ مِلْكِهِ، وَهُوَ رِطْلٌ بَنَفْسَجٍ، وَإِنْ شَاءَ صَاحِبُ الزِّئْبَقِ أَعْطَى صَاحِبَهُ رِطْلًا مِنْ الْبَنَفْسَجِ، وَالزِّئْبَقُ كُلَّهُ لَهُ وَالْخِيَارُ إلَيْهِ دُونَ صَاحِبِ الْبَنَفْسَجِ؛ لِأَنَّ الْبَنَفْسَجَ صَارَ مُسْتَهْلَكًا بِالزِّئْبَقِ فَإِنَّ الزِّئْبَقَ هُوَ الْغَالِبُ، وَعِنْدَ الِاخْتِلَاطِ الْأَقَلُّ يَصِيرُ مُسْتَهْلِكًا بِالْأَكْثَرِ وَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ فَيَكُونُ الْخِيَارُ لِمَنْ كَانَ حَقُّهُ قَائِمًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِي أَنْ يَتَمَلَّكَ عَلَى صَاحِبِهِ نَصِيبَهُ بِضَمَانِ الْمِثْلِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ ثَوْبَ إنْسَانٍ لَوْ وَقَعَ فِي صِبْغِ غَيْرِهِ فَانْصَبَغَ بِهِ كَانَ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ أَنْ يُعْطِيَ لِصَاحِبِ الصَّبْغِ قِيمَةَ الصَّبْغِ لِأَنَّ الثَّوْبَ قَائِمٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالصَّبْغُ فِيهِ مُسْتَهْلَكٌ مِنْ وَجْهٍ فَكَانَ الْخِيَارُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ فَهَذَا مِثْلُهُ.

رَجُلٌ فِي يَدِهِ ثَوْبٌ مَصْبُوغٌ بِعُصْفُرٍ، فَقَالَ لِرَجُلٍ: فِي ثَوْبِي هَذَا لَكَ قَفِيزٌ مِنْ عُصْفُرٍ فِي صَبْغِهِ فَصَاحِبُ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ عَلَيْهِ مَا زَادَ قَفِيزًا مِنْ عُصْفُرٍ فِي ثَوْبِهِ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُقَرِّ لَهُ صَارَ وَصْفًا لِمِلْكِهِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِضَمَانِ بَدَلِهِ، وَإِنْ أَبَى بِيعَ الثَّوْبُ وَيَضْرِبُ بِهِ صَاحِبُ الْعُصْفُرِ بِقِيمَةِ مِلْكِهِ، وَهُوَ مَا زَادَ قَفِيزٌ مِنْ عُصْفُرٍ فِي ثَوْبِهِ وَصَاحِبُ الثَّوْبِ بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ، فَإِنْ كَانَ صَبْغُهُ أَكْثَرَ مِنْ قَفِيزٍ ضَرَبَ صَاحِبُ الثَّوْبِ بِالْفَضْلِ مَعَ قِيمَةِ الثَّوْبِ الْأَبْيَضِ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ مَا اسْتَحَقَّ إلَّا مِقْدَارَ قَفِيزٍ مِنْ الْعُصْفُرِ الَّذِي فِي الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ بِإِقْرَارِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>