وَإِنَّمَا أَقَرَّ لَهُ بِهَذَا الْمِقْدَارِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا، فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَيْسَ فِي هَذَا الثَّوْبِ زِيَادَةٌ عَلَى قَفِيزٍ مِنْ عُصْفُرٍ، وَقَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ بَلْ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ سَأَلَ الْقَاضِي أَهْلَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ مِنْ الصَّبَّاغِينَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُحِقِّ مِنْهُمَا فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى مَنْ لَهُ نَظَرٌ فِي ذَلِكَ الْبَابِ كَمَا إذَا احْتَاجَ إلَى مَعْرِفَةِ قِيمَةِ الْعَيْنِ سَأَلَ عَنْهُ مَنْ لَهُ نَظَرٌ فِيهِ، فَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى شَيْءٍ يَعْرِفُ فِي ذَلِكَ أَخَذَ بِقَوْلِهِمْ وَإِلَّا الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ صَاحِبِ الثَّوْبِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْأَصْلِ وَالْمُقَرُّ لَهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ مِنْ جِهَتِهِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي بَيَانِ مِقْدَارِ مَا يَسْتَحِقُّ الْمُقَرُّ لَهُ قَوْلُ صَاحِبِ الثَّوْبِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ، فَقَالَ: لِفُلَانٍ فِي هَذَا الْعَبْدِ شِرْكٌ أَوْ قَالَ شَرِكَةٌ فَلَهُ النِّصْفُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ فِي بَيَانِ مِقْدَارِ مَا أَقَرَّ بِهِ وَاتَّفَقَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: فُلَانٌ شَرِيكِي فِي هَذَا الْعَبْدِ، أَوْ مُشْتَرَكٌ بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٌ أَوْ هُوَ لِي، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ لَفْظَةَ الشَّرِكَةِ تَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: ١٢]، ثُمَّ يُسْتَوَى فِيهِ ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ. وَكَذَلِكَ لَفْظُ " بَيْنَ " يَقْتَضِي الْمُنَاصَفَةَ بَيْنَ الْمَذْكُورَيْنِ، وَمُطْلَقُ الْإِضَافَةِ إلَيْهِمَا تَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا، فَأَمَّا فِي قَوْلِهِ شِرْكٌ أَوْ شَرِكَةٌ فِي الْعَبْدِ فَكَذَلِكَ يَقُولُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ لَفْظَ الشَّرِكَةِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا ذُكِرَ الشِّرْكُ مُنَكَّرًا فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ النَّصِيبِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ} [فاطر: ٤٠]، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ} [سبأ: ٢٢] أَيْ مِنْ نَصِيبٍ فَهَذَا وَقَوْلُهُ: لِفُلَانٍ فِي عَبْدِي نَصِيبٌ سَوَاءٌ وَهُنَاكَ الْبَيَانُ فِيهِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَإِلَى نَفْسِهِ فَيَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ وَهُنَا جَعَلَهُ صِفَةً لِلْمَقَرِ بِهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ اعْتِبَارُ مَعْنَى الْمُسَاوَاةِ فَلِهَذَا كَانَ هُوَ وَذِكْرُ النَّصِيبِ سَوَاءً، وَإِنْ فَصَلَ الْكَلَامَ، فَقَالَ هُوَ شَرِيكِي فِيهِ بِالْعُشْرِ أَوْ هُوَ مَعِي شَرِيكٌ بِالْعُشْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالشَّرِكَةِ يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ، وَلَكِنْ عَلَى احْتِمَالِ التَّفَاوُتِ فَكَانَ بَيَانُهُ مُغَايِرًا لِمَا اقْتَضَاهُ مُطْلَقُ كَلَامِهِ فَيَصِحُّ مَوْصُولًا لَا مَفْصُولًا. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: هَذَا الْعَبْدُ لِي وَلِفُلَانٍ لِي الثُّلُثَانِ وَلِفُلَانٍ الثُّلُثُ.
وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ مَعَهُ شِرْكًا فِي هَذَا فَهُوَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فِيهِ شُرَكَائِي، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْبَيَانُ فِيهِ إلَى الْمُقِرِّ كَمَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ.
وَإِذَا قَالَ: قَدْ أَشْرَكْتُ فُلَانًا فِي نِصْفِ هَذَا الْعَبْدِ فَفِي الْقِيَاسِ لَهُ رُبْعُهُ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَشْرَكْتُ فُلَانًا فِي هَذَا الْعَبْدِ كَانَ لَهُ نِصْفُهُ، فَإِذَا قَالَ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ كَانَ لَهُ نِصْفُ ذَلِكَ النِّصْفِ، وَهُوَ الرُّبْعُ؛ لِأَنَّ الْإِشْرَاكَ يَقْتَضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute