أَنْ يَكُونَ اسْتَوْدَعَهُ فَالْجَوَابُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا فِي يَدِهِ لَمْ يُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالسَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ وَدِيعَةٌ فِي يَدِهِ فَصَاحِبُهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِلضَّمَانِ، وَهُوَ الْأَخْذُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَذُو الْيَدِ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَضَعْتُ خَاتَمَكَ فِي يَدِي فَضَاعَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ إلَى نَفْسِهِ فِي ذَلِكَ فِعْلًا يَضْمَنُ بِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهَذِهِ الْإِشَارَةَ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ: أَخَذْتُهُ مِنْكَ وَدِيعَةً فَإِنَّ هُنَاكَ إذَا أَنْكَرَ صَاحِبُ الْإِيدَاعِ كَانَ الْمُودَعُ ضَامِنًا لِإِقْرَارِهِ بِالْفِعْلِ الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْأَخْذُ، فَأَمَّا هُنَا فَقَدْ أَضَافَ الْفِعْلَ إلَى صَاحِبِهِ بِقَوْلِهِ أَوْدَعَنِي أَوْ وَضَعَهُ فِي يَدِي.
وَلَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ الْمُودَعُ أَوْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا، ثُمَّ قَالَ: هَلَكَتْ بَعْدَ أَنْ نَزَلْتُ عَنْهَا وَكَذَّبَهُ صَاحِبُهُ فَهُوَ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالسَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ، وَهُوَ اللُّبْسُ وَالرُّكُوبُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، ثُمَّ ادَّعَى مَا يُبْرِئُهُ عَنْ الضَّمَانِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: رَكِبْتُهَا بِإِذْنِ الْمُودِعِ وَأَنْكَرَ الْمُودِعُ الْإِذْنَ فَهُوَ ضَامِنٌ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِذْنِ لِإِقْرَارِهِ بِالْفِعْلِ الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَهَا إلَى غَيْرِ صَاحِبِهَا، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ دَفَعَهَا بِإِذْنِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَعَلَى صَاحِبِهَا الْيَمِينُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِدَعْوَى الرِّضَا وَالْإِذْنِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُسْقِطٌ لِلضَّمَانِ عَنْهُ وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ.
وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ مِائَةُ دِينَارٍ أَوْ لِفُلَانٍ فَالْأَلْفُ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهَا عَيْنًا حِينَ لَمْ يَقْرِنْ بِهِ حَرْفَ التَّخْيِيرِ، وَذَكَرَ حَرْفَ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ فِي مِائَةِ دِينَارٍ فَيَكُونُ الْجَوَابُ فِي حَقِّهِمَا مِثْلَ الْجَوَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ حُكْمِ الِاصْطِلَاحِ وَالِاسْتِخْلَافِ.
وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ وَلِفُلَانٍ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ أَوْ لِفُلَانٍ كُرُّ شَعِيرٍ فَالْمِائَةُ الدِّينَارُ لِلْأَوَّلِ ثَابِتَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهَا عَيْنًا وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَا عَيَّنَ فِي الْإِقْرَارِ لِوَاحِدٍ مِنْهَا شَيْئًا حِينَ أَدْخَلَ بَيْنَهُمَا حَرْفَ أَوْ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ حَرْفَ أَوْ يَمْنَعُ عَيْنًا فِي حَقِّ مَنْ اقْتَرَنَ بِهِ، وَلَكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ لَهُمَا بِشَيْءٍ.
وَلَوْ قَالَ: لَهُ لَكَ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ أَوْ لِفُلَانٍ فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ الْمِائَةِ وَالنِّصْفُ الْبَاقِي يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرَيْنِ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى شَيْءٍ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ عَطَفَ أَحَدَ الْآخَرَيْنِ عَلَى الْأَوَّلِ فِيمَا هُوَ مُوجَبُ حَرْفِ " أَوْ " فَكَأَنَّهُ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَلِأَحَدِ هَذَيْنِ الْآخَرَيْنِ فَنِصْفُ الْمِائَةِ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُزَاحِمُهُ مِنْ الْآخَرَيْنِ إلَّا أَحَدُهُمَا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ وَالْمُسْتَحِقُّ مِنْهُمَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَالْحُكْمُ فِيهِ الِاصْطِلَاحُ أَوْ الِاسْتِحْلَافُ.
وَإِنْ قَالَ: لِفُلَانٍ قِبَلِي مِائَةُ دِرْهَمٍ أَوْ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute