للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسُهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَتَاعِ وَقَوْلُ ذِي الْيَدِ فِيمَا فِي يَدِهِ حُجَّةٌ لِلدَّفْعِ، فَإِنْ ادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ ابْنُهُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي نَسَبَ مِلْكِ الْغَيْرِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِحُجَّةٍ، فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ قَضَى أَنَّهُ ابْنٌ لَهُ لِإِثْبَاتِهِ دَعْوَاهُ بِالْحُجَّةِ وَجُعِلَ حُرًّا؛ لِأَنَّ فِي الْحُكْمِ بِثُبُوتِ النَّسَبِ حُكْمًا بِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ مَائِهِ وَمَاءُ الْحُرِّ جُزْءٌ مِنْهُ فَيَكُونُ حُرًّا مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِرَحِمِ الْأَمَةِ وَحِينَ لَمْ يُسَمُّوا أَمَةً فِي الشَّهَادَةِ لَمْ يَظْهَرْ اتِّصَالُ مَائِهِ بِرَحِمِ الْأَمَةِ فَبَقِيَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ فَهَذِهِ الْبَيِّنَةُ مُوجِبَةٌ حُرِّيَّةَ الْوَلَدِ فَلَا يُعَارِضُهَا قَوْلُ ذِي الْيَدِ فِي إثْبَاتِ رِقِّهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ يَدَّعِي أَنَّهُ ابْنُهُ فَالْمُدَّعِي الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَوْلَى بِالْقَضَاءِ بِالنَّسَبِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا يُعَارِضُهَا الْيَدُ وَلَا قَوْلُ ذِي الْيَدِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُدَّعِي ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدًا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ لِإِثْبَاتِهِ دَعْوَاهُ بِالْحُجَّةِ وَالْعَبْدُ وَالذِّمِّيُّ مِنْ أَهْلِ النَّسَبِ كَالْحُرِّ الْمُسْلِمِ، فَإِنْ أَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ وَأَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ قَضَيْتَ بِنَسَبِهِ لِذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي مَعْنَى النِّتَاجِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ هُنَاكَ تَتَرَجَّحُ عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ.

وَكَذَلِكَ إنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ امْرَأَتِهِ هَذِهِ قَضَى بِنَسَبِهِ مِنْ ذِي الْيَدِ وَمِنْ امْرَأَتِهِ، وَإِنْ جَحَدَتْ هِيَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ - هُوَ الْفِرَاشُ بَيْنَهُمَا - قَائِمٌ وَالْحُكْمُ مَتَى ظَهَرَ عَقِيبَ سَبَبٍ ظَاهِرٍ يُحَالُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ السَّبَبِ، وَذَلِكَ الْفِرَاشُ بَيْنَهُمَا يُثْبِتُ النَّسَبَ مِنْهُمَا فَمِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا بِذَلِكَ السَّبَبِ ثُبُوتُهُ مِنْ الْآخَرِ فَلَا يَنْتَفِي بِجُحُودِهَا. وَكَذَلِكَ لَوْ جَحَدَ الْأَبُ وَادَّعَتْ الْأُمُّ.

قَالَ: وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي يَدِ عَبْدٍ وَامْرَأَتِهِ الْأَمَةِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُمَا وَأَقَامَ آخَرُ مِنْ الْعَرَبِ أَوْ مِنْ الْمَوَالِي أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ امْرَأَتِهِ هَذِهِ وَهِيَ مِثْلُهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِبَيِّنَةِ الْخَارِجَيْنِ؛ لِأَنَّ فِي بَيِّنَتِهِمَا زِيَادَةَ إثْبَاتِ الْحُرِّيَّةِ لِلْوَلَدِ وَالْبَيِّنَاتُ لِلْإِثْبَاتِ فَتَتَرَجَّحُ بِزِيَادَةِ الْإِثْبَاتِ.

قَالَ: وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ امْرَأَتِهِ هَذِهِ وَهُمَا حُرَّانِ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ، وَلَمْ يَنْسُبُوهُ إلَى أَمَةٍ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهِ لِلْمُدَّعِي لِزِيَادَةِ الْإِثْبَاتِ فِي بَيِّنَتِهِ، وَهُوَ ثُبُوتُ النَّسَبِ مِنْ أُمِّهِ فَصَارَتْ الزِّيَادَةُ فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ كَزِيَادَةِ إثْبَاتِ الْحُرِّيَّةِ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْأُمُّ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ فَإِنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ بِالْفِرَاشِ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ أَحَدُهُمَا خَصْمًا عَنْ الْآخَرِ فِي لَا إثْبَاتٍ وَلَوْ أَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ وَشَهِدَ شُهُودُ ذِي الْيَدِ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ قَضَى بِهِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ إقْرَارِ ذِي الْيَدِ بِالْبَيِّنَةِ لَا يَكُونُ أَقْوَى مِنْ سَمَاعِ الْقَاضِي إقْرَارَهُ، وَذَلِكَ يَنْدَفِعُ بِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ، ثُمَّ أَعَادَ مَسْأَلَةَ الرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ.

(فَرْعٌ) عَلَيْهِ مَا لَمْ يُوَقِّتْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقْتًا قَالَ: يُنْظَرُ إلَى سِنِّ الصَّبِيِّ، فَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا فَهُوَ وَمَا لَمْ يُوَقِّتَا سَوَاءٌ يَقْضِي بِهِ لَهُمَا، وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا فِي أَحَدِهِمَا، وَهُوَ أَكْبَرُ سِنًّا مِنْ الْآخَرِ أَوْ أَصْغَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>