للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْبَعِينَ وَبِالْمُضَاعَفَةِ تَصِيرُ ثَمَانِينَ.

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ لَزِمَهُ عَشَرَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا يُتَنَاوَلُ هَذَا اللَّفْظُ مَقْرُونًا بِالْعَدَدِ عَشَرَةٍ، فَقَالَ: عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الْكَثِيرَ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْغِنَى لِصَاحِبِهِ، وَهُوَ النِّصَابُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَبْنِي الْجَوَابَ عَلَى اللَّفْظِ وَهُمَا عَلَى الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ بِاللَّفْظِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دَنَانِيرُ كَثِيرَةٌ فَعَلَيْهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا عِشْرُونَ دِينَارًا بِاعْتِبَارِ نِصَابِ الزَّكَاةِ.

وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا يَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ عَدَدَيْنِ مُبْهَمَيْنِ مَرْكَبَيْنِ غَيْرَ مَعْطُوفَيْنِ وَأَدْنَى الْعَدَدَيْنِ الْمُفَسَّرَيْنِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ أَحَدَ عَشَرَ.

وَلَوْ قَالَ: كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا يَلْزَمُهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا لِأَنَّهُ ذَكَرَ عَدَدَيْنِ مُبْهَمَيْنِ أَحَدُهُمَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْآخَرِ وَأَدْنَى ذَلِكَ فِي الْمُفَسَّرَيْنِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ فَكَذَلِكَ الْمُبْهَمُ يُعَبَّرُ بِهِ، وَعَلَى هَذَا الدَّنَانِيرُ وَالْكَيْلُ وَالْوَزْنُ حَتَّى إذَا قَالَ: كَذَا وَكَذَا مَحْتُومًا مِنْ حِنْطَةٍ كَانَ عَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ مَحْتُومًا.

وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا وَكَذَا وَكَذَا دِينَارًا لَزِمَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَحَدَ عَشَرَ اعْتِبَارًا لِحَالَةِ الْجَمْعِ بِحَالَةِ الْإِقْرَارِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: كَذَا كَذَا دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا يَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ مِنْهُمَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ فَسَّرَهُ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا وَلَوْ قَالَ: أَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا يَلْزَمُهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: أَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا فَكَذَلِكَ عِنْدَ إبْهَامِ الْعَدَدَيْنِ.

وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مَالٌ عَظِيمٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَعَلَيْهِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَهُوَ مِائَتَا دِرْهَمٍ عَلَى قِيَاسِ مَذْهَبِهِمَا عِنْدَ الْوَصْفِ بِالْكَثْرَةِ، وَلَمْ يُذْكَرْ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَا وَقِيلَ مَذْهَبُهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ كَمَذْهَبِهِمَا؛ لِأَنَّهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ بَنَى عَلَى لَفْظِ الدَّرَاهِمِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ بَنَى عَلَى حَالِ الْمُقِرِّ فِي الْفَقْرِ وَالْغَنِيِّ فَإِنَّ الْقَلِيلَ عِنْدَ الْفَقِيرِ عَظِيمٌ وَأَضْعَافُ ذَلِكَ عِنْدَ الْغَنِيِّ لَيْسَ بِعَظِيمِ وَكَمَا أَنَّ الْمِائَتَيْنِ مَالٌ عَظِيمٌ فِي حُكْمِ الزَّكَاةِ فَالْعَشَرَةُ مَالٌ عَظِيمٌ فِي قَطْعِ السَّرِقَةِ وَتَقْدِيرِ الْمَهْرِ بِهَا فَيَتَعَارَضُ فَيَرْجِعُ إلَى حَالِ الرَّجُلِ، وَعَلَى حَالِهِ يَبْنِي فِيمَا بَيَّنَهُ، وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْبَيَانُ إلَى الْمُقِرِّ فِي ذَلِكَ فَأَيُّ مِقْدَارٍ بَيَّنَ يُؤْخَذُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِبْهَامَ حَصَلَ مِنْ جِهَتِهِ، وَهَذَا بَعِيدٌ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: عَلَيَّ مَالٌ، ثُمَّ بَيَّنَهُ بِشَيْءٍ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا يَجُوزُ إلْغَاءُ قَوْلِهِ عَظِيمٌ وَلَوْ قَبِلْنَا بَيَانَهُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كُنَّا قَدْ أَلْغَيْنَا تَنْصِيصَهُ عَلَى وَصْفِ الْعَظِيمِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ.

وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ مَالٌ فَالْقَوْلُ فِي بَيَانِ مِقْدَارِهِ قَوْلُهُ قَالَ: وَالدِّرْهَمُ مَالٌ، وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِيمَا دُونَ الدِّرْهَمِ لَا يُقْبَلُ بَيَانُهُ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>