الْكُسُورِ لَا يُطْلَقُ اسْمُ الْمَالِ عَلَيْهِ عَادَةً قَالَ الْحَسَنُ لَعَنَ اللَّهُ الدَّانِقَ وَمِنْ دَنَّقَ الدَّانِقَ.
وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ حِنْطَةٌ فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَ رُبُعُ حِنْطَةٍ فَمَا فَوْقَهُ فَإِنَّ الرُّبُعَ أَدْنَى الْمَقَادِيرِ فِي الْحِنْطَةِ كَالدِّرْهَمِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ.
وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَنَيِّفٌ فَالْقَوْلُ فِي النَّيِّفِ مَا قَالَ دِرْهَمٌ أَوْ أَقَلُّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرُ لِأَنَّ النَّيِّفَ عِبَارَةٌ عَنْ الزِّيَادَةِ يُقَالُ جَبَلٌ مُنِيفٌ إذَا كَانَ مُشْرِفًا عَلَى الْجِبَالِ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْأَنْفُ لِزِيَادَةِ خِلْقَتِهِ فِي الْوَجْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ عَشَرَةٌ وَزِيَادَةٌ وَاسْمُ الزِّيَادَةِ يَتَنَاوَلُ الدَّانِقَ وَمَا زَادَ، فَإِذَا كَانَ بَيَانُهُ مُطَابِقًا لِلَفْظِهِ كَانَ مَقْبُولًا مِنْهُ.
وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ بِضْعَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا فَالْبِضْعَةُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُصَهُ عَنْ ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّ الْبِضْعَ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى سَبْعَةٍ عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {سَيَغْلِبُونَ} [الروم: ٣] {فِي بِضْعِ سِنِينَ} [الروم: ٤] خَاطَرَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قُرَيْشًا عَلَى أَنَّ الرُّومَ تَغْلِبُ فَارِسًا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَأَخْبَرَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه «كَمْ تَعُدُّونَ الْبِضْعَ فِيكُمْ قَالَ: مِنْ ثَلَاثٍ إلَى سَبْعٍ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زِدْ فِي الْخَطَرِ وَأَبْعِدْ فِي الْأَجَلِ» فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبِضْعَ ثَلَاثَةٌ.
وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ حَقٌّ أَوْ لَهُ قِبَلِي شَيْءٌ فَالْقَوْلُ فِي بَيَانِ مِقْدَارِهِ وَجِنْسِهِ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي إقْرَارِهِ يَنْطَلِقُ عَلَى مَا قَلَّ وَكَثُرَ مِنْ الْمَالِ.
وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَدَانِقٌ فَالدَّانِقُ فِضَّةٌ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ سُدُسِ الدِّرْهَمِ وَالْمَعْطُوفُ مِنْ جِنْسِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَقِيرَاطٌ فَالْقِيرَاطُ مِنْ الْفِضَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ مِنْ جِنْسِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا سَبَقَ أَنَّ الدِّرْهَمَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا.
وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَدِرْهَمٌ فَعَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَدِرْهَمٌ عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - دِرْهَمٌ وَاحِدٌ وَالْقَوْلُ فِي بَيَانِ الْمِائَةِ قَوْلُهُ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: مِائَةٌ وَدِينَارٌ أَوْ مِائَةٌ وَقَفِيزُ حِنْطَةٍ فَذَكَرَ شَيْئًا مِنْ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ فَهُوَ كُلُّهُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَإِنْ قَالَ: مِائَةٌ وَعَبْدٌ يَلْزَمُهُ الْعَبْدُ وَالْقَوْلُ فِي بَيَانِ الْمِائَةِ قَوْلُهُ.
وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: مِائَةٌ وَثَوْبٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ وَثَوْبٌ أَنَّ الْكُلَّ مِنْ الثِّيَابِ. وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ وَشَاةٌ أَمَّا الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فَقَالَ: إنَّهُ أَبْهَمَ الْإِقْرَارَ بِالْمِائَةِ وَقَوْلُهُ " وَدِرْهَمٌ " لَيْسَ بِتَفْسِيرٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَيْهِ بِحَرْفِ الْوَاوِ وَالْعَطْفُ لَمْ يُوضَعْ لِلتَّفْسِيرِ لُغَةً فَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ مُفَسَّرًا فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا وَيَكُونُ الْقَوْلُ فِيمَا أَبْهَمَ قَوْلَهُ. وَكَذَلِكَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَدِرْهَمَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: مِائَةٌ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّهُ عَطَفَ أَحَدَ الْعَدَدَيْنِ الْمُبْهَمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِالدَّرَاهِمِ فَيَنْصَرِفُ التَّفْسِيرُ إلَيْهِمَا جَمِيعًا لِحَاجَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى التَّفْسِيرِ وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ وَدِرْهَمٌ بَيَانٌ لِلْمِائَةِ عَادَةً وَدَلَالَةً أَمَّا مِنْ حَيْثُ الْعَادَةُ فَلِأَنَّ النَّاسَ يَحْتَرِزُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute