للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ تَطْوِيلِ الْعِبَارَاتِ فَيَأْتُونَ بِهِ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى الدَّرَاهِمِ عِنْدَ ذِكْرِ كُلِّ عَدَدٍ وَيَكْتَفُونَ بِذَكَرِهِ مَرَّةً، وَهَذَا شَيْءٌ لَا يُمْكِنُ إنْكَارُهُ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُمْ يَقُولُونَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا فَيَكْتَفُونَ بِذِكْرِ الدِّرْهَمِ مَرَّةً وَيَجْعَلُونَ ذَلِكَ تَفْسِيرًا لِلْكُلِّ. وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الدَّلَالَةُ فَلِأَنَّ الْمَعْطُوفَ مَعَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُضَافِ مَعَ الْمُضَافِ إلَيْهِ إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلتَّعْرِيفِ، ثُمَّ الْمُضَافُ يُجْعَلُ تَعْرِيفًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ إذَا كَانَ صَالِحًا لَهُ فَكَذَلِكَ الْمَعْطُوفُ يُجْعَلُ تَعْرِيفًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ صَالِحًا لَهُ وَالصَّلَاحِيَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ؛ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ مَعَ جَمِيعِ الْمُعَامَلَاتِ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا وَيَجُوزُ الِاسْتِقْرَاضُ فِيهَا وَلِعُمُومِ الْبَلْوَى جَعَلْنَا الْعَطْفَ فِيهَا تَفْسِيرًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَثَوْبٌ وَشَاةٌ لِأَنَّ الثَّوْبَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ دَيْنًا إلَّا مَبِيعًا مُسَلَّمًا فِيهِ وَالشَّاةُ لَا تَثْبُتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ أَصْلًا يَعْنِي بِهِ ثُبُوتًا لَازِمًا فَلَمْ يَصْلُحْ قَوْلُهُ وَثَوْبٌ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِلْمِائَةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ عِبَارَةٌ عَمَّا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ مُطْلَقًا ثُبُوتًا صَحِيحًا فَلِهَذَا كَانَ الْبَيَانُ إلَيْهِ وَجْهُ رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الثِّيَابَ وَالْغَنَمَ تُقَسَّمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً بِخِلَافِ الْعَبِيدِ فَإِنَّهَا لَا تُقَسَّمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً يَتَحَقَّقُ فِي أَعْدَادِهَا الْمُجَانَسَةُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْمُفَسَّرُ مِنْهُ تَفْسِيرًا لِلْمُبْهَمِ وَمَا لَا يُقَسَّمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً لَا يَتَحَقَّقُ فِي أَعْدَادِهِ الْمُجَانَسَةُ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْمُفَسَّرُ تَفْسِيرًا لِلْمُبْهَمِ.

وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَمِائَةُ أَثْوَابٍ فَالْكُلُّ مِنْ الثِّيَابِ بِالِاتِّفَاقِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ عَطَفَ الْعَدَدَ الْمُبْهَمَ عَلَى عَدَدِ مُبْهَمٍ، ثُمَّ فُسِّرَ بِمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِلْكُلِّ فَيَكُونُ الْكُلُّ مِنْ الثِّيَابِ وَالْقَوْلُ فِي بَيَانِ جِنْسِهَا قَوْلُ الْمُقِرِّ.

وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَتَا مِثْقَالٍ فِضَّةً وَذَهَبًا فَعَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ إلَى الْجِنْسَيْنِ وَالْمُسَاوَاةُ فِي الْإِضَافَةِ تَقْتَضِي التَّوَزُّعَ عَلَى سَبِيلِ التَّسَاوِي إلَّا أَنَّ الْوَاجِبَ هُنَا مِنْ كُلِّ جِنْسٍ مِثْقَالٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَدِينَارٌ فَهُنَاكَ يَلْزَمُهُ مِائَةُ دِينَارٍ تَامًّا قِيلَ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ وَزْنَ سَبْعَةٍ لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى الْمَثَاقِيلِ هُنَا، فَقَالَ: مِائَتَا مِثْقَالٍ، ثُمَّ فَسَّرَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَيَكُونُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ مِثْقَالٍ وَهُنَاكَ أَطْلَقَ اسْمَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمُ عِبَارَةٌ عَنْ وَزْنِ سَبْعَةٍ، ثُمَّ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يُعَيِّنُ أَحَدَ الْوَصْفَيْنِ، وَعَلَى هَذَا جَمِيعُ مَا يُقِرُّ بِهِ مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ بِأَيِّ سَبَبٍ أَقَرَّ بِهِ.

وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ كُرٌّ مِنْ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَسِمْسِمٍ فَعَلَيْهِ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ الثُّلُثُ؛ لِأَنَّ الْكُرَّ عِبَارَةٌ عَنْ أَرْبَعِينَ قَفِيزًا، وَقَدْ فَسَّرَهُ بِالْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ فَيَكُونُ مِنْ كُلِّ جِنْسِ الثُّلُثُ.

وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ قَفِيزٌ مِنْ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ إلَّا رُبُعًا فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ بَعْضُ مَا يَتَنَاوَلُ كَلَامُهُ وَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ قَفِيزٍ مِنْ كُلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>