للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدٍ النِّصْفُ اعْتِبَارًا لِإِقْرَارِهِ بِبَعْضِ الْقَفِيزِ بِإِقْرَارِهِ بِالْكُلِّ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَهُ قِبَلِي مَثَاقِيلُ مِنْ مِسْكٍ وَزَعْفَرَانٍ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ عَلَيَّ قَفِيزٌ مِنْ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ فَعَلَيْهِ لَهُمَا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ قَفِيزٍ لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْإِقْرَارِ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْجِنْسَيْنِ فِي التَّفْسِيرِ.

وَإِنْ قَالَ: اسْتَوْدَعَنِي ثَلَاثَةَ أَثْوَابِ زُطِّيٍّ وَيَهُودِيٍّ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ، فَإِنْ شَاءَ قَالَ: يَهُودِيٌّ وَزُطِّيَّانِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ الْوَاحِدَ لَا يَتَبَعَّضُ فَتَعَيَّنَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ يَهُودِيًّا وَالْآخَرُ زُطِّيًّا بَقِيَ الثَّالِثُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ وَصْفَيْنِ، فَإِنْ بَيَّنَهُ بِالْيَهُودِيِّ فَقَدْ الْتَزَمَ الزِّيَادَةَ، وَإِنْ بَيَّنَهُ بِالزُّطِّيِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ ثَوْبٌ زُطِّيٌّ أَوْ يَهُودِيٌّ.

وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ لِفُلَانٍ، وَكَانَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي صَكٍّ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ فِي صَكٍّ، فَقَالَ الْمُقِرُّ عَنَيْتُ أَحَدَهُمَا وَادَّعَاهُمَا الْمُقَرُّ لَهُ فَهُمَا جَمِيعًا لِلْمُقَرِّ لَهُ وَأَمَّا صِحَّةُ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ فَلِأَنَّهُ إخْبَارٌ مِنْ الْغَائِبِ عَنْ وَاجِبٍ سَابِقٍ، وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ فِي الدُّيُونِ كَمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْأَعْيَانِ بِخِلَافِ التَّمْلِيكِ ابْتِدَاءً، وَتَصْحِيحُ الْإِقْرَارِ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ تَصْحِيحِ التَّمْلِيكِ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ بِالْخَمْرِ صَحِيحٌ وَتَمْلِيكُهَا ابْتِدَاءً لَا يَصِحُّ مِنْ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ أَدْخَلَ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي قَوْلِهِ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ، وَذَلِكَ لِلْجِنْسِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَعْهُودِ فَيَتَنَاوَلُ جِنْسَ مَالِهِ عَلَى فُلَانٍ نَصًّا فَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ " عَنَيْتُ أَحَدَهُمَا " يَكُون رُجُوعًا وَلَوْ غَابَ الْمُقِرُّ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَتَقَاضَى الْمَالَ مِنْ الْغَرِيمِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْغَرِيمُ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِذَلِكَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الدَّفْعِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ لَا بِحَقِّ الْقَبْضِ، وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِ الدَّيْنِ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَكُونَ حَقُّ الْقَبْضِ إلَيْهِ فَإِنَّ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ حَقَّ قَبْضِ الثَّمَنِ، وَهُوَ مِلْكٌ لِلْمُوَكِّلِ وَلِهَذَا قَالَ: لَوْ دَفَعَهُ الْغَرِيمُ إلَيْهِ بَرِئَ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَى الْمُوَكِّلِ

وَفِي الْأَصْلِ عَلَّلَ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ، وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ بِالْإِقْرَارِ جَائِزٌ، وَلَكِنَّ مُرَادَهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ فِي هَذَا إبْطَالَ حَقِّ الْغَائِبِ فِي الْقَبْضِ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِنِصْفِ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ لِغَيْرِهِ جَازَ وَالْمُقِرُّ هُوَ الَّذِي يُتَقَاضَى فَيُعْطِي الْمُقَرَّ لَهُ نِصْفَ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ لِغَيْرِهِ جَازَ وَالْمُقِرُّ هُوَ الَّذِي يُتَقَاضَى فَيُعْطِي الْمُقَرَّ لَهُ نِصْفَ مَا يَسْتَوْفِي لِمَا بَيَّنَّا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ.

فَإِنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ الضَّمَانَ عَلَى الْمُقِرِّ، وَقَالَ: أَدَّيْتُهُ بِغَيْرِ أَمْرِي، فَإِنْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لِلْمُقِرِّ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ صَيْرُورَةِ الْمَالِ دَيْنًا عَلَيْهِ مُبَاشَرَةٌ لِأَدَائِهِ فَلَعَلَّهُ صَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ بِاسْتِهْلَاكٍ مِنْهُ أَوْ بِأَدَائِهِمَا جَمِيعًا فَالْمُقَرُّ لَهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ بِسَبَبِ الضَّمَانِ، وَهُوَ مُنْكِرٌ، فَإِنْ قَالَ: أَدَّيْتُهُ بِأَمْرِكَ كَانَ ضَامِنًا لِنَصِيبِهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْمُقَرُّ لَهُ مَا أَذِنَ لَهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>