للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالسَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ عَلَيْهِ وَادَّعَى الْمُسْقِطَ، وَهُوَ الْإِذْنُ.

وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ كُرُّ شَعِيرٍ وَكُرُّ تَمْرٍ وَكُرُّ حِنْطَةٍ فَأَقَرَّ أَنَّ نِصْفَ طَعَامِهِ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ لِفُلَانٍ فَلَهُ نِصْفُ الْحِنْطَةِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الطَّعَامِ مُطْلَقًا يَتَنَاوَلُ الْحِنْطَةَ وَدَقِيقَهَا، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي طَعَامًا أَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا بِشِرَاءِ الطَّعَامِ يَنْصَرِفُ إلَى شِرَاءِ الْحِنْطَةِ وَدَقِيقِهَا خَاصَّةً لِأَنَّ ذِكْرَ الطَّعَامِ مُطْلَقًا يَتَنَاوَلُ الْحِنْطَةَ وَدَقِيقَهَا فَإِنَّ بَائِعَهَا يُسَمَّى بَائِعَ الطَّعَامِ وَسُوقُ الطَّعَامِ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُبَاعُ فِيهِ الْحِنْطَةُ وَدَقِيقُهَا وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي طَعَامًا أَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا بِشِرَاءِ الطَّعَامِ يَنْصَرِفُ إلَى شِرَاءِ الْحِنْطَةِ وَدَقِيقِهَا خَاصَّةً وَالْإِقْرَارُ مِنْ جِنْسِ التِّجَارَةِ فَمُطْلَقُ لَفْظِ الطَّعَامِ فِيهِ يَتَنَاوَلُ الْحِنْطَةَ دُونَ الشَّعِيرِ.

وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ قَرْضٌ وَوَدِيعَةٌ فَهُوَ ضَامِنٌ لِنِصْفِهَا قَرْضًا وَالنِّصْفِ الْآخَرِ وَدِيعَةً؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَرْضٌ وَوَدِيعَةٌ تَفْسِيرٌ لِلْأَلْفِ فَيَتَنَصَّفُ بَيْنَهُمَا إذْ هُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: مُضَارَبَةٌ وَقَرْضٌ، فَإِنْ وَصَلَ الْكَلَامَ، فَقَالَ: مِائَةٌ مِنْهَا قَرْضٌ وَتِسْعُمِائَةٍ مُضَارَبَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ احْتِمَالِ التَّفَاوُتِ، وَكَانَ هَذَا بَيَانًا مُعْتَبَرًا لِظَاهِرِ لَفْظِهِ بِمَا هُوَ مُحْتَمَلٌ وَمِثْلُ هَذَا الْبَيَانِ يَصِحُّ مَوْصُولًا لَا مَفْصُولًا. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَهُ قِبَلِي كُرٌّ مِنْ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ الْحِنْطَةُ مَحْتُومٌ وَالشَّعِيرُ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ مَحْتُومًا قُبِلَ بَيَانُهُ مَوْصُولًا لِمَا قُلْنَا.

وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ هِبَةٌ أَوْ وَدِيعَةٌ فَإِنَّهَا وَدِيعَةٌ وَلَا يَكُونُ هِبَةً؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَهُوَ لَمْ يَقْبِضْهَا، وَكَانَتْ وَدِيعَةً.

وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُكَ شِيَاهًا كَثِيرَةً فَهُوَ عَلَى أَرْبَعِينَ شَاةً لِمَا قُلْنَا أَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى مَا يُسْتَفَادُ بِهِ الْغِنَى مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَأَدْنَاهُ أَرْبَعُونَ شَاةً.

وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُكَ إبِلًا كَثِيرَةً فَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ؛ لِأَنَّ الْكَثِيرَ مَا يَحْتَمِلُ الْوُجُوبَ مِنْ جِنْسِهِ، فَأَمَّا الْخَمْسَةُ، وَإِنْ كَانَتْ نِصَابَ الزَّكَاةِ، وَلَكِنَّهَا قَلِيلَةٌ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَلِقِلَّتِهَا لَا تَحْتَمِلُ الْوُجُوبَ مِنْ جِنْسِهَا وَالْكَثِيرُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ مَا يَحْتَمِلُ الْوُجُوبَ مِنْ جِنْسِهِ وَأَدْنَى ذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ.

وَإِذَا قَالَ: حِنْطَةٌ كَثِيرَةٌ فَهِيَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمَا أَنَّ النِّصَابَ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا، وَلَمْ يُبَيِّنْ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيهِ وَقِيلَ: الْبَيَانُ فِيهِ إلَى الْمُقِرِّ عَلَى قَوْلِهِ بَعْدَ أَنْ يُبَيِّنَ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْحِنْطَةِ أَنْ لَوْ أَقَرَّ بِهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْحِنْطَةِ مُطْلَقًا وَبَيَّنَهُ بِالرُّبُعِ كَانَ مَقْبُولًا مِنْهُ، فَإِذَا نَصَّ مِنْهُ عَلَى صِفَةِ الْكَثْرَةِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُبَيِّنَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ يَحْتَمِلُهُ هَذَا اللَّفْظُ.

لَوْ أَقَرَّ أَنَّ الْوَدِيعَةَ الَّتِي عِنْدَ فُلَانٍ لِفُلَانٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَيْسَ لَلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الْمُسْتَوْدِعِ، وَلَكِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>