للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تُوجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانَ فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْعِتْقِ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَوْلَاهُ فِي الْحَالِ يُخَاطَبُ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى الْغَيْرِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.

وَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنَّهُ كَفَلَ عَنْ صَاحِبِهِ بِمَهْرِ أَوْ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ أَوْ جِنَايَتِهِ لَزِمَهُ وَلَزِمَ صَاحِبَهُ أَيْضًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: يَلْزَمُهُ وَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِوُجُوبِ الْمَالِ عَلَى صَاحِبِهِ بِطَرِيقٍ غَيْرِ التِّجَارَةِ وَلَا قَوْلَ لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ فِي الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ لَا بِطَرِيقِ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّ فِيمَا يَجِبُ لَا بِطَرِيقِ التِّجَارَةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَجْنَبِيٌّ عَنْ صَاحِبِهِ يَبْقَى إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ بِوُجُوبِ الْمَالِ بِطَرِيقِ الْكَفَالَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا سَبَقَ أَنَّ كَفَالَةَ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَوْ إقْرَارَهُ بِالْكَفَالَةِ يَلْزَمُ شَرِيكَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا يَلْزَمُ عِنْدَهُمَا فَهَذَا بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ.

وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّ عَلَى صَاحِبِهِ دَيْنًا قَبْلَ الشَّرِكَةِ لِفُلَانٍ فَأَنْكَرَهُ صَاحِبُهُ وَالطَّالِبُ ادَّعَى أَنَّ هَذَا الدَّيْنَ كَانَ فِي الشَّرِكَةِ لَزِمَهُمَا جَمِيعًا الْمَالُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِمُطْلَقِ الدَّيْنِ يَنْصَرِفُ إلَى جِهَةِ التِّجَارَةِ وَلِهَذَا لَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِدَيْنٍ مُطْلَقٍ يَلْزَمُ شَرِيكَهُ، وَفِيمَا هُوَ وَاجِبٌ بِطَرِيقِ التِّجَارَةِ وَإِقْرَارُ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَعَلَى شَرِيكِهِ سَوَاءٌ.

وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الشَّرِكَةِ لَا يُصَدَّقُ فِي الْإِسْنَادِ إذَا أَكْذَبَهُ الطَّالِبُ فَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ بِهِ عَنْ صَاحِبِهِ، وَإِذَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْإِسْنَادِ لَزِمَ الْمُقِرَّ الْمَالُ بِإِقْرَارِهِ وَلَزِمَ شَرِيكَهُ بِالْكَفَالَةِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْمَالِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ دُونَ شَرِيكِهِ قَبْلَ الشَّرِكَةِ وَادَّعَى الطَّالِبُ أَنَّهُ عَلَيْهِ مِنْ الشَّرِكَةِ فَالْمَالُ عَلَيْهِمَا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُصَدَّقٍ فِي الْإِسْنَادِ، وَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّ الدَّيْنَ كَانَ قَبْلَ الشَّرِكَةِ لَمْ يُؤْخَذْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِدَيْنِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْكَفَالَةِ بَيْنَهُمَا إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْمُفَاوَضَةِ فَيَكُونُ ثَابِتًا فِيمَا يَجِبُ بَعْدَ الْمُفَاوَضَةِ لَا فِيمَا كَانَ وَاجِبًا قَبْلَهَا.

وَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْآخَرُ لَا بَلْ لِفُلَانٍ لَزِمَهُمَا جَمِيعًا الْمَالُ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي قَالَ لِفُلَانٍ لَزِمَهُمَا جَمِيعًا وَلَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِ الْمُقَرِّ لَهُمَا فَكَذَلِكَ إذَا قَالَ ذَلِكَ صَاحِبُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَلْزَمُ صَاحِبَهُ وَهُمَا بَعْدَ الْمُفَاوَضَةِ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ فِي أَسْبَابِ الْتِزَامِ الْمَالِ بِالتِّجَارَةِ.

وَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ تَفَرَّقَا، ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِدَيْنٍ عَلَيْهِمَا فِي الشَّرِكَةِ لَزِمَهُ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ فِي الْإِسْنَادِ غَيْرُ مُصَدَّقٍ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ فَيَبْقَى مُلْتَزِمًا الْمَالَ فِي الْحَالِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سَبَبٌ يُوجِبُ كَفَالَةَ صَاحِبِهِ عَنْهُ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْمَالِ فِي الْحَالِ فَلِهَذَا كَانَ الْمَالُ عَلَيْهِ خَاصَّةً، وَعَلَى صَاحِبِهِ الْيَمِينُ إنْ ادَّعَاهُ الطَّالِبُ.

وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَيْهِمَا مَالًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا وَأَبَى

<<  <  ج: ص:  >  >>