للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَدَّهُ عَلَيْهِ لِثُبُوتِ الْعَيْبِ بِالْحُجَّةِ فِي يَدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ اسْتَحْلَفَ الْآمِرَ عَلَى دَعْوَاهُ، فَإِنْ نَكَلَ رَدَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ حَلَفَ فَهُوَ لَازِمٌ لِلْوَكِيلِ، وَفِي شَرِيكَيْ الْعِنَانِ لَوْ أَقَرَّ الْبَائِعُ مِنْهُمَا بِالْعَيْبِ وَجَحَدَ شَرِيكُهُ رَدَّهُ عَلَيْهِ وَلَزِمَهُمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ الَّتِي بَيْنَهُمَا مَا انْتَهَتْ لِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، وَلَكِنَّهَا قَائِمَةٌ بِقِيَامِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ، وَكَانَ تَصَرُّفُ الْبَائِعِ مِنْهُمَا نَافِذًا فِي حَقِّ شَرِيكِهِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ أَقَالَ الْمُشْتَرِي أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ ابْتِدَاءً يَلْزَمُ شَرِيكَهُ فَكَذَلِكَ إذَا رَدَّهُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ عَلَى مَا سَبَقَ.

وَكَذَلِكَ الْمُضَارِبُ إذَا أَقَرَّ بِالْعَيْبِ لَزِمَهُ وَلَزِمَ رَبَّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ النِّيَابَةَ فِي التَّصَرُّفِ بَاقِيَةٌ بِبَقَاءِ الْمُضَارَبَةِ وَلَوْ أَقَالَهُ الْعَبْدَ أَوْ اشْتَرَاهُ لَزِمَ رَبَّ الْمَالِ فَكَذَلِكَ إذَا رَدَّهُ، وَإِنْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي سِلْعَةٍ خَاصَّةٍ فَالْبَائِعُ مِنْهُمَا بِأَمْرِ صَاحِبِهِ وَكِيلٌ فِي بَيْعِ نَصِيبِهِ، وَقَدْ انْتَهَتْ وَكَالَتُهُ بِالتَّسْلِيمِ فَإِقْرَارُهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ دُونَ شَرِيكِهِ فَلَوْ بَاعَهَا مِنْ آخَرَ فَطَعَنَ فِيهَا الْمُشْتَرِي الْآخَرُ بِعَيْبٍ وَأَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ الثَّانِي، فَإِنْ قَبِلَهَا بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ كَانَ عَيْبًا يَحْدُثُ مِثْلُهُ أَوْ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِمَنْزِلَةِ الْإِقَالَةِ، وَهُوَ فَسْخٌ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَبَيْعُ جَدِيدٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا فَصَارَ فِي حَقِّ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ كَأَنَّ الْبَائِعَ الثَّانِيَ اشْتَرَاهُ ابْتِدَاءً، وَفِي كِتَابِ الْبُيُوعِ أَشَارَ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَيْبِ الَّذِي يَحْدُثُ مِثْلُهُ أَوْ لَا يَحْدُثُ، فَقَالَ فِي الْعَيْبِ الَّذِي لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ سَوَاءٌ قَبِلَهُ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ لِتَيَقُّنِهِ بِوُجُودِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، وَلِأَنَّهُ فَعَلَ بِدُونِ الْقَاضِي غَيْرَ مَا يَأْمُرُ بِهِ الْقَاضِي لَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَيْهِ، وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِالْخُصُومَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ فِيهَا فَائِدَةً وَالْأَصَحُّ هُوَ الْأَوَّلُ، وَإِنْ قَبِلَهَا بِقَضَاءٍ

فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى بَائِعِهَا سَوَاءٌ رَدَّ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِنُكُولِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ، وَقَدْ تَيَقَّنَّا بِوُجُودِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَيَرُدُّهَا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَيْبًا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فَلَهُ أَنْ يُخَاصِمَ بَائِعَهُ وَيُثْبِتَ بِالْحُجَّةِ وُجُودَ الْعَيْبِ عِنْدَهُ لِيَرُدَّهَا عَلَيْهِ إنْ كَانَ رَدَّ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ. وَكَذَلِكَ إنْ رَدَّ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ لَا يَكُونُ أَقْوَى مِنْ الْإِقْرَارِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ جُحُودٌ لِلْعَيْبِ نَصًّا، فَإِنْ كَانَ قَالَ: بِعْتُهَا، وَلَيْسَ هَذَا الْعَيْبُ بِهَا فَاسْتَحْلَفَهُ فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ فَرَدَّهَا عَلَيْهِ فَأَرَادَ خُصُومَةَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فِيهَا وَاحْتَجَّ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْعَيْبُ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ جُحُودِهِ كَوْنَ الْعَيْبِ عِنْدَ الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَإِقْرَارُهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَهَذَا الْجُحُودُ مُطْلِقٌ لَهُ الْيَمِينَ، فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ صَارَ كَالْبَاذِلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>