لِفَسْخِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ بَائِعَهُ كَمَا لَوْ قَبِلَهُ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ.
وَإِذَا بَاعَ دَارًا، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهَا، وَفِيهَا هَذَا الْعَيْبُ لِصَدْعٍ فِي حَائِطٍ يَخَافُ مِنْهُ أَوْ كَسْرٍ فِي جِذْعٍ أَوْ فِي بَابٍ رَدَّهُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَيْبَ يُمْكِنُ بِقَضَاءِ بَاقِي الْمَالِيَّةِ، وَقَدْ يُقَلِّلُ رَغَائِبَ النَّاسِ فِيهِ، وَقَدْ ثَبَتَ كَوْنُهُ عِنْدَهُ بِإِقْرَارِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَرْضًا فِيهَا نَخِيلٌ فَأَقَرَّ بِعَيْبٍ بِبَعْضِ الثَّمَرِ فِي نَخْلَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَبِيعَ كُلَّهُ فِي حُكْمِ شَيْءٍ وَاحِدٍ فَوُجُودُ الْعَيْبِ فِي جُزْءٍ مِنْهُ كَوُجُودِهِ فِي جَمِيعِهِ. وَكَذَلِكَ الثِّيَابُ وَالْعُرُوضُ وَالْحَيَوَانُ يُقِرُّ الْبَائِعُ فِيهِ بِعَيْبٍ يُنْقِصُ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ مَا يُنْقِصُ الثَّمَنَ يَعُدُّهُ التُّجَّارُ عَيْبًا وَيُقَلِّلُ رَغَائِبَهُمْ فِي السِّلْعَةِ فَيَثْبُتُ حَقُّ الرَّدِّ بِهِ.
وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ وَبِهِ حَرْقٌ فَجَاءَ الْمُشْتَرِي بِحَرْقٍ آخَرَ، فَقَالَ: بِعْتَنِيهِ وَهَذَا بِهِ، وَقَالَ الْبَائِعُ لَيْسَ هَذَا الَّذِي أَقْرَرْتُ لَكَ بِهِ وَهَذَا حَدَثَ عِنْدَكَ، وَلَمْ يَكُنْ بِالثَّوْبِ حَرْقٌ غَيْرُهُ لَمْ يُصَدَّقْ الْبَائِعُ عَلَى مَا قَالَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يُكَذِّبُهُ؛ لِأَنَّ الْحَرْقَ الْمَوْجُودَ فِي الثَّوْبِ لَا يَنْعَدِمُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُخَاطَ أَوْ يُرْفَأَ وَأَثَرُهُمَا يَكُونُ ظَاهِرًا، فَإِنْ لَمْ يُرَ فِي الثَّوْبِ حَرْقٌ ظَاهِرٌ أَوْ لَا أَثَرَ لِحَرْقٍ سِوَى مَا عَيَّنَهُ الْمُشْتَرِي عَرَفْنَا أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُشْتَرِي فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِذَلِكَ وَلَوْ قَالَ: كَانَ هَذَا الْحَرْقُ صَغِيرًا وَزَادَ فِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَصْلِ الْحَرْقِ لَا بِمِقْدَارِهِ فَالْقَدْرُ الَّذِي ادَّعَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَسْبِقْ مِنْ الْبَائِعِ إقْرَارٌ بِهِ فَكَانَ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَ الْبَائِعِ لِإِنْكَارِهِ وَالْحَرْقُ فِي ذَلِكَ قِيَاسُ الْخَرْقِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ حَرْقٌ غَيْرُ ذَلِكَ، فَقَالَ: بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ وَهَذَا بِهِ، وَلَمْ يَكُنْ الْآخَرُ بِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ بَيَانَهُ مُطَابِقٌ لِمُطْلَقِ كَلَامِهِ فَإِنَّهُ أَقَرَّ بِالْحَرْقِ فِي الثَّوْبِ وَاَلَّذِي عَيَّنَهُ سِوَى مَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ بِهِ فَخَرَجَ بِهِ عَنْ عُهْدَةِ إقْرَارِهِ يَبْقَى دَعْوَى الْمُشْتَرِي لِلْحَرْقِ الثَّانِي وَالْبَائِعُ مُنْكِرٌ لَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ.
وَلَوْ قَالَ: بِعْتُهُ هَذَا الْعَبْدَ وَبِهِ قُرْحَةٌ، ثُمَّ جَاءَ الْمُشْتَرِي يُرِيدُ رَدَّهُ، فَقَالَ الْبَائِعُ قَدْ بَرِئَ الْعَبْدُ مِنْ تِلْكَ الْقُرْحَةِ وَهَذِهِ غَيْرُهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْقُرْحَةَ تَزُولُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لَهَا أَثَرٌ بَعْدَ الْبُرْءِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ ضَرُورَتِهِ إقْرَارُ الْبَائِعِ كَوْنَ هَذِهِ الْقُرْحَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا الْمُشْتَرِي مَوْجُودَةً عِنْدَهُ. وَكَذَلِكَ إنْ سَمَّى الْبَائِعُ نَوْعًا مِنْ الْعُيُوبِ صُدِّقَ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ وَهَذَا غَيْرُهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَبْرَأُ وَيَذْهَبُ.
وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ أَقْطَعَ الْيَدِ فَجَاءَ بِهِ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ أَقْطَعُ الْيَدَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ، وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِي يَدٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْبَائِعِ لَمْ يَتَنَاوَلْ إلَّا قَطْعَ يَدٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْعُ الْيَدِ الثَّانِيَةِ عَيْبٌ حَادِثٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَيَمْنَعُهُ مِنْ الرَّدِّ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ بَعْدَ مَا يَحْلِفُ الْبَائِعُ بِاَللَّهِ مَا بَاعَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ بِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute