للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالرِّقِّ لَهُ، ثُمَّ ادَّعَى زَوَالَهُ بِسَبَبٍ حَادِثٍ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِحُجَّةٍ.

وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ عَبْدًا لَهُ، ثُمَّ أَقَرَّ الرَّجُلُ وَالْعَبْدُ أَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكًا لِفُلَانٍ وَادَّعَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَجْرِ فِي عِتْقِهِ حُكْمٌ فَهُمَا مُصَدَّقَانِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ لَمْ يَجْرِ الْحُكْمُ بِخِلَافِهِ فَصَحَّ إقْرَارُهُ وَصَارَ مَمْلُوكًا وَظَهَرَ هَذَا الْمِلْكُ فِي حَقِّ الْمُعْتَقِ بِتَصْدِيقِهِ أَيْضًا فَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُهُ، وَإِنْ كَانَ جَرَى فِي عِتْقِهِ حُكْمٌ مِنْ حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ شَيْءٍ مِمَّا يَجْرِي فِي الْحُرِّ دُونَ الْعَبْدِ فَأَمْضَى الْقَاضِي ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا لَا يَرِدُ فِي الرِّقِّ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُكَذَّبًا فِي إقْرَارِهِ شَرْعًا وَالْمُقِرُّ إذَا كَذَّبَهُ الشَّرْعُ لَمْ يُعْتَبَرْ إقْرَارُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ مَوْلَاهُ أَنَّهُ اغْتَصَبَهُ مِنْ فُلَانٍ ضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ عَلَى نَفْسِهِ صَحِيحٌ، وَقَدْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ رَدُّ الْمَغْصُوبِ بِمَا نَفَذَ فِيهِ مِنْ الْعِتْقِ مِنْ جِهَتِهِ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ. وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى هِبَةً مِنْهُ أَوْ شِرَاءً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَحَلَفَ فُلَانٌ مَا فَعَلَ ذَلِكَ ضَمِنَ لَهُ قِيمَةَ الْغُلَامِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّمَلُّكِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ رَدُّهُ فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا، ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ الْإِجَارَةِ أَنَّهُ عَبْدُهُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَهُ مِنْ غَيْرِهِ يَشْهَدُ بِالْمِلْكِ لِذَلِكَ الْغَيْرِ أَوْ إقْرَارٌ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ وَالِاسْتِخْدَامِ فَيَكُونُ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ لِنَفْسِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مُنَاقِضًا فَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ عَبْدٌ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ الْعَبْدُ بِالْمِلْكِ، وَهُوَ الْآخَرُ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ أُمِّي كَانَتْ أَمَةً لِفُلَانٍ، وَلَمْ أُولَدْ أَنَا قَطُّ إلَّا حُرًّا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى أُمِّهِ بِالرِّقِّ وَإِقْرَارُهُ عَلَيْهَا نَافِذٌ، وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ رِقِّ أُمِّهِ رِقُّهُ فَإِنَّ وَلَدَ الْمَعْرُوفِ حُرُّ الْأَصْلِ وَالْأُمُّ رَقِيقَةٌ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِأَمَةٍ لِإِنْسَانٍ وَلَهَا وَلَدٌ فِي يَدِهِ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ لِلْمُقِرِّ دُونَ الْمُقَرِّ لَهُ فَلَمَّا لَمْ يَجْعَلْ إقْرَارَهُ بِالْأُمِّ إقْرَارًا بِالْوَلَدِ فَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ إقْرَارُ الْوَلَدِ بِرِقِّ الْأُمِّ إقْرَارًا بِرِقِّ نَفْسِهِ (تَوْضِيحُهُ) أَنَّ مَنْ يَكُونُ مَعْرُوفًا بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ إذَا قَالَ جَدَّتِي كَانَتْ أَمَةً لَا يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ بِالرِّقِّ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَبَوَيْهِ فَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أُمِّي كَانَتْ أَمَةً لِفُلَانٍ، فَإِذَا ادَّعَى فُلَانٌ رِقَّهُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ.

وَلَوْ أَنَّ مَجْهُولَةَ الْأَصْلِ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا، ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالْمِلْكِ لِرَجُلٍ فَهِيَ أَمَةٌ لَهُ لِإِقْرَارِهَا عَلَى نَفْسِهَا بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ وَلَا يَصْدُقُ عَلَى فَسَادِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهَا أَمَةً لَهُ لِإِقْرَارِهَا عَلَى نَفْسِهَا بِكَوْنِهَا أَمَةً فَسَادُ النِّكَاحِ فَإِنَّ نِكَاحَ الْأَمَةِ بِإِذْنِ مَوْلَاهَا صَحِيحٌ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى أَبُو الزَّوْجِ نَسَبَهَا وَصَدَّقَتْهُ؛ لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ نَسَبِهَا مِنْ أَبِي الزَّوْجِ انْتِفَاءَ النِّكَاحِ وَمَا ثَبَتَ بِوُجُودِ الْمُنَافِي ضَرُورَةً لَا يَكُونُ مُحَالًا بِهِ عَلَى إقْرَارِهَا وَهُنَا لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ ضَرُورَةِ رَقِّهَا فَسَادُ النِّكَاحِ فَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهَا وَإِقْرَارُهَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى الزَّوْجِ إنَّ رِقَّهَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>