للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَنَا أَضْمَنُ الْمَطْلُوبَ؛ لِأَنَّ دَفْعَهُ إلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ، فَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ عَلَى الْعَزْلِ أَمِينَ الطَّالِبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ الْمَطْلُوبَ شَيْئًا؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا الْآنَ لِأَبِيهِمَا عَلَى الْمَطْلُوبِ، فَإِنَّ أَصْلَ الْوَكَالَةِ ثَابِتٌ، وَذَلِكَ يُوجِبُ بَرَاءَةَ الْمَطْلُوبِ بِالدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ مَا لَمْ يَثْبُتْ الْعَزْلُ؛ فَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ.

وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ عَلَى الْعَزْلِ أَجْنَبِيَّيْنِ فَقَدْ ثَبَتَ الْعَزْلُ بِشَهَادَتِهِمَا، وَكَانَ لِلطَّالِبِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَالِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ إذَا شَهِدَ أَنَّ الْوَكِيلَ عَلِمَ بِالْعَزْلِ، وَإِنْ شَهِدَ الِابْنَانِ قَبْلَ قُدُومِ أَبِيهِمَا: أَنَّ أَبَاهُمَا قَدْ أَخْرَجَ هَذَا مِنْ الْوَكَالَةِ وَوَكَّلَ هَذَا الْآخَرَ بِقَبْضِ الْمَالِ، وَإِنْ أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِذَلِكَ دَفَعَهُ إلَى الْآخَرِ لِإِقْرَارِهِ بِثُبُوتِ حَقِّ الْقَبْضِ لَهُ فِي مِلْكِهِ، لَا بِشَهَادَةِ الِابْنَيْنِ بِالْوَكَالَةِ لَهُ، وَإِنْ جَحَدَ دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ وَكَالَتَهُ ثَابِتَةٌ وَلَمْ يَثْبُتْ الْعَزْلُ بِشَهَادَتِهِمَا حِينَ أَنْكَرَهُ الْمَطْلُوبُ، فَكَانَ مُجْبَرًا عَلَى دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ.

فَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ ذِمِّيًّا فَشَهِدَ مُسْلِمَانِ أَنَّهُ وَكَّلَ هَذَا الْمُسْلِمَ بِقَبْضِ دَيْنِهِ عَلَى هَذَا، وَالْمَطْلُوبُ مُقِرٌّ وَشَهِدَ الذِّمِّيَّانِ أَنَّهُ عَزَلَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ وَوَكَّلَ هَذَا الْآخَرَ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْقَبْضِ ثَابِتٌ لَهُ بِظُهُورِ وَكَالَتِهِ وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَشَهَادَةُ الذِّمِّيَّيْنِ عَلَيْهِ بِإِبْطَالِ حَقِّهِ لَا تَكُونُ مَقْبُولَةً، وَلَوْ كَانَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ ذِمِّيًّا جَازَتْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي إبْطَالِ حَقِّهِ حُجَّةٌ عَلَيْهِ. وَإِذَا شَهِدَ ابْنَا الْوَكِيلِ أَنَّ الطَّالِبَ أَخْرَجَ أَبَاهُمَا عَنْ الْوَكَالَةِ وَوَكَّلَ هَذَا الْآخَرَ بِقَبْضِ الْمَالِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ عَلَى أَبِيهِمَا فِي إبْطَالِ حَقِّ الْقَبْضِ الثَّابِتِ لَهُ، وَيَشْهَدَانِ لِلْآخَرِ بِثُبُوتِ حَقِّ الْقَبْضِ لَهُ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا سَبَبُ التُّهْمَةِ، وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدَانِ أَمِينَيْ الْوَكِيلِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الْوَكَالَةِ لِأَبِيهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ بِثُبُوتِ حَقِّ الْقَبْضِ لَهُ، وَيَجُوزُ عَلَى إخْرَاجِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ عَلَيْهِ بِالْعَزْلِ وَبُطْلَانِ حَقِّهِ فِي الْقَبْضِ، وَإِذَا شَهِدَ أَنَّهُ جَعَلَهُ وَكِيلًا فِي الْخُصُومَةِ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِقَبْضِهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ جَمِيعًا.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - تُقْبَلُ فِي الْقَبْضِ إذَا أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِالدَّيْنِ، وَلَا تُقْبَلُ فِي الْخُصُومَةِ إذَا جَحَدَ الْمَطْلُوبُ الدَّيْنَ، وَفِي قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " لَا تُقْبَلُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا " وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى مَا سَبَقَ أَنَّ الْوَكِيلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>