للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ قِيلَ إنَّمَا اخْتَلَفَ الْجَوَابُ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ فَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْكِتَابِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُضَرَّبًا وَلَا كَانَتْ الظِّهَارَةُ مُتَّصِلَةً بِالْبِطَانَةِ بِالْعُرَى أَوْ غَيْرِهَا فَيَكُونُ هَذَا فِي حُكْمِ ثَوْبَيْنِ يُبْسَطُ أَحَدُهُمَا فَوْقَ الْآخِرِ وَالْأَسْفَلُ مِنْهُمَا نَجِسُ فَرْشٍ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ وَمَوْضُوعُ تِلْكَ الرِّوَايَةِ فِيمَا إذَا كَانَ مُضَرَّبًا أَوْ مُتَّصِلًا بِالْعُرَى فَحِينَئِذٍ يَكُونُ فِي حُكْمِ ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَفِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي الْوَجْهِ الْأَسْفَلِ مِنْهُ فَوَقَفَ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَإِنَّهُ لَا تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ فَهَذَا كَذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّقَ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ.

وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ هَذَا الْمُصَلَّى، وَإِنْ كَانَ مُبَطَّنًا فَإِنَّهُ يُعَدُّ فِي النَّاسِ ثَوْبًا وَاحِدًا وَيُسْتَعْمَلُ كَذَلِكَ فَيَكُونُ هُوَ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ وَاقِفًا عَلَى النَّجَاسَةِ وَشَرْطُ جَوَازِ الصَّلَاةِ طَهَارَةُ مَكَانِ الصَّلَاةِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِرَاشُهُ نَجِسًا وَعَلَيْهِ مَجْلِسٌ طَاهِرٌ فَصَلَّى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ هُنَاكَ مُنْفَصِلٌ عَنْ الْفِرَاشِ وَهُمَا ثَوْبَانِ مُخْتَلِفَانِ وَقِيَامُهُ يَكُونُ مُضَافًا إلَى الْأَعْلَى دُونَ الْأَسْفَلِ.

وَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْمُصَلَّى الْمُبَطَّنَ فِي الْحَقِيقَةِ ثَوْبَانِ وَإِنْ خِيطَ جَوَانِبُهُ لِتَيَسُّرِ الِاسْتِعْمَالِ، وَإِنَّمَا يُضَافُ قِيَامُهُ وَجُلُوسُهُ فِي الْعَادَةِ إلَى الْأَعْلَى دُونَ الْأَسْفَلِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَعْلَى إذَا كَانَ دِيبَاجًا يُقَالُ فُلَانٌ جَالِسٌ عَلَى الدِّيبَاجِ فَإِذَا كَانَ الْأَعْلَى طَاهِرًا قُلْنَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْفِرَاشِ وَالْمَجْلِسِ وَمِنْ هَذَا وَقَعَ عِنْدَ الْعَوَامّ نَزْعُ الْمُكَعَّبِ وَالْقِيَامُ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّ النَّجَاسَةِ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى الصِّرْمِ لَا عَلَى الْمُكَعَّبِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ؛ لِأَنَّ الصِّرْمَ مُتَّصِلٌ بِالْمُكَعَّبِ بِعُرًى فَيَكُونُ فِي حُكْمِ شَيْءٍ وَاحِدٍ.

وَلَوْ أَنَّ جُبَّةً مُبَطَّنَةً فِيهَا دَمٌ قَدْرَ الدِّرْهَمِ وَقَدْ نَفَذَ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَصَلَّى فِيهِ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَةَ مَعَ الْبِطَانَةِ ثَوْبَانِ وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَجَاسَةٌ بِقَدْرِ الدِّرْهَمِ فَإِذَا جَمَعْتَ بَيْنَهُمَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَهَذَا بِخِلَافِ الثَّوْبِ الَّذِي هُوَ طَاقٌ وَاحِدٌ إذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ قَدْرَ الدِّرْهَمِ وَنَفَذَ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الثَّوْبَ شَيْءٌ وَاحِدٌ فَبِاعْتِبَارِ الْوَجْهَيْنِ لَا تَزْدَادُ النَّجَاسَةُ فِي ثَوْبِهِ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَهَهُنَا الظِّهَارَةُ غَيْرُ الْبِطَانَةِ فَهُمَا ثَوْبَانِ مُخْتَلِفَانِ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بِهِ جُرْحَانِ لَا يَرْقَآنِ فَتَوَضَّأَ وَهُمَا سَائِلَانِ ثُمَّ رَقَأَ أَحَدُهُمَا فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ عُذْرَهُ قَائِمٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ السَّائِلُ حِينَ تَوَضَّأَ إلَّا أَحَدُهُمَا كَأَنْ يَتَقَدَّرَ وُضُوءُهُ بِالْوَقْتِ فَكَذَلِكَ إذَا رَقَأَ أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ الْآخَرُ سَائِلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>