الْوَكِيلِ وَأَنْ يُطَالِبَ الْمُسْتَقْرِضَ بِدَيْنِهِ إلَّا أَنَّ الرَّهْنَ يَتِمُّ بِقَبْضِ الرَّسُولِ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْمُرْسِلِ فِي قَبْضِهِ لِنَائِبِهِ فَتَمَّ الرَّهْنُ بِقَبْضِهِ وَإِذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْآمِرِ وَإِنْ قَالَ اقْرِضْ أَنْتَ وَخُذْ بِهَا رَهْنًا لَمْ يَكُنْ لِلْآمِرِ أَنْ يَأْخُذَ الرَّهْنَ مِنْ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ بِمُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ كَانَ وَكِيلًا لَا رَسُولًا فَقَدْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ فَتَتَعَلَّقُ حُقُوقُهُ بِهِ وَإِنَّمَا رَضِيَ الْمُسْتَقْرِضُ بِكَوْنِ الرَّهْنِ فِي يَدِهِ دُونَ غَيْرِهِ فَلِهَذَا لَا يَكُونُ لِلْآمِرِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ هَلَكَ مِنْ مَالِ نَفْسِ الْآمِرِ أَيْضًا لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ فِيمَا صَنَعَ فَقَبْضُهُ كَقَبْضِ الْآمِرِ
قَالَ وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَوَكَّلَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ بِعَشَرَةٍ فَفَعَلَ وَقَبَضَ الْعَشَرَةَ فَإِنْ كَانَ قَالَ لِلَّذِي أَعْطَاهُ الْمَالَ إنَّ فُلَانًا أَرْسَلَنِي إلَيْك بِهَذَا الرَّهْنِ لِتُقْرِضَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَتَرْتَهِنَ هَذَا الثَّوْبَ مِنْهُ بِدَرَاهِمَ فَالدَّرَاهِمُ لِلْآمِرِ وَالْوَكِيلُ فِيهَا أَمِينٌ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ حِينَ أَضَافَهُ إلَى الْآمِرِ فَانْعَقَدَ الْعَقْدُ لِلْمُرْتَهِنِ مَعَ الْآمِرِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلرَّسُولِ أَنْ يَسْتَرِدَّ هَذَا الثَّوْبَ وَلَا يَكُونُ هَذَا مُطَالَبًا بِالْعَشَرَةِ وَإِنْ كَانَ قَالَ لِلْمُقْرِضِ أَقْرِضْنِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَارْتَهِنْ هَذَا الثَّوْبَ مِنِّي فَالْعَشَرَةُ لِلْوَكِيلِ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ فَلَمْ يَكُنْ رَسُولًا وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ وَكِيلًا لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالِاسْتِقْرَاضِ لَا يَجُوزُ فَإِنَّ الْمُسْتَقْرِضَ يَلْتَزِمُ بَدَلَ الْقَرْضِ فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ قَالَ بِعْ شَيْئًا مِنْ مَالِك عَلَى أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهُ لِي لَا يَصْلُحُ فَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْتَزِمْ الْعَشَرَةَ فِي ذِمَّتِك عَلَى أَنْ يَكُونَ عِوَضُهُ لِي وَكَانَ التَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ قِيَاسَ التَّوْكِيلِ فَكَانَ بَاطِلًا وَالْعَشَرَةُ لِلْوَكِيلِ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْآمِرِ وَإِنْ هَلَكَتْ مِنْ مَالِهِ وَلَيْسَ هَذَا الْخِلَافُ مِنْهُ لِلْآمِرِ وَإِنْ كَانَ قَالَ اسْتَقْرِضْ لِي مَا بَيَّنَّا أَنَّ التَّوْكِيلَ لَمَّا لَمْ يَصْلُحْ فَاسْتِقْرَاضُهُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ وَهَذَا تَقْيِيدٌ غَيْرُ مُفِيدٍ فَلَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا قَالَ وَإِنْ كَانَ قَالَ لَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ قُلْ لِفُلَانٍ يُقْرِضُنِي وَأَعْطِهِ هَذَا الثَّوْبَ بِرِسَالَتِي رَهْنًا عَنِّي فَأَضَافَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ كَانَ مُخَالِفًا ضَامِنًا لِلثَّوْبِ وَلَا يَجُوزُ رَهْنُهُ لِأَنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ جَعَلَهُ رَسُولًا وَكِيلًا هُنَا فَيَكُونُ ذَلِكَ إذْنًا مِنْهُ لَهُ فِي إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى نَفْسِهِ
قَالَ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَبْدًا فَقَالَ لَهُ ائْتِ فُلَانًا وَقُلْ لَهُ إنَّ فُلَانًا يَسْتَقْرِضُك أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيَرْهَنُك هَذَا الْعَبْدَ فَفَعَلَ ذَلِكَ وَأَخَذَ الْأَلْفَ وَأَعْطَاهَا الْآمِرَ ثُمَّ جَاءَهُ بِالْمَالِ فَأَمَرَ الرَّاهِنَ فَقَضَاهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ الْعَبْدَ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ رَبُّ الْعَبْدِ بِقَبْضِهِ لِأَنَّهُ فِيمَا صَنَعَ كَانَ رَسُولًا وَقَدْ انْتَهَتْ الرِّسَالَةُ بِالتَّبْلِيغِ فَيَكُونُ هُوَ فِي اسْتِرْدَادِ الْعَبْدِ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ فَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَإِرْسَالُهُ بِالْمَالِ عَلَى يَدِهِ لَا يَتَضَمَّنُ الْأَمْرَ لَهُ بِقَبْضِ الْعَبْدِ فَإِنْ قَبَضَ الْعَبْدَ فَعَطِبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute