للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفِكَاكِ مِنْ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ هُنَاكَ حَضَرَ الْوَكِيلُ فِي وَقْتٍ هُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَنْ يَرْهَنَهُ فَإِذَا زَالَ تَمَكُّنُهُ مِنْ ذَلِكَ تَضَمَّنَ عَزْلَ الْوَكِيلِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ وَكَّلَ وَكِيلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً وَتَحْتُهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ صَارَتْ هَذِهِ الْوَكَالَةُ مُضَافَةً إلَى مَا بَعْدَ مُفَارَقَةِ إحْدَاهُنَّ إذَا فَارَقَ إحْدَاهُنَّ ثُمَّ زَوَّجَهَا الْوَكِيلَ صَحَّ وَمِثْلُهُ لَوْ تَزَوَّجَ بِنَفْسِهِ بَعْدَ التَّوْكِيلِ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ انْعَزَلَ الْوَكِيلُ وَاَلَّذِي يُوَضِّح الْفَرْقَ مَا بَيَّنَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ التَّوْكِيلُ بَعْدَ مَا رَهَنَهُ فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ مَقْصُودَ الْآمِرِ بِمَا صَنَعَهُ بَعْدَ التَّوْكِيلِ عَزْلُ الْوَكِيلِ بِهِ

قَالَ وَإِذَا رَهَنَ الْوَكِيلُ عَبْدًا لِلْمُوَكِّلِ ثُمَّ أَنَّهُ نَاقَضَ الْمُرْتَهِنَ أَوْ أَجَّرَهُ إيَّاهُ أَوْ بَاعَهُ فَالْإِجَارَةُ وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ أَنْشَأَ تَصَرُّفًا سِوَى الْمَأْمُورِ بِهِ أَمَّا مُنَاقَضَةُ الرَّهْنِ فَإِنْ كَانَ قَالَ إنَّ فُلَانًا يَسْتَقْرِضُك وَقَدْ رَهَنَك هَذَا فَمُنَاقَضَتُهُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ خَرَجَ مِنْ الْوَسَطِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْعَقْدِ فِي شَيْءٍ فَمُنَاقَضَتُهُ كَمُنَاقَضَةِ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ فَيَكُونُ بَاطِلًا وَيَكُونُ ضَامِنًا لِلْعَبْدِ إنْ قَبَضَهُ عَلَى هَذَا وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَقْرِضُ هُوَ أَوْ الرَّاهِنَ فَالْمُنَاقَضَةُ جَائِزَةٌ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ وَالْحَاجَةُ فِي الْمُنَاقَضَةِ إلَى رِضَا الْمُرْتَهِنِ وَقَدْ رَضِيَ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ رَدَّ الرَّهْنِ لَمْ يَكُنْ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْتِيَ ذَلِكَ فَإِذَا صَحَّتْ مُنَاقَضَتُهُ كَانَ هُوَ مُؤْتَمَنًا فِي الْعَقْدِ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِحَقٍّ وَعَادَتْ يَدُهُ فِيهِ كَمَا كَانَتْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ ثَانِيَةً لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِالشَّيْءِ لَا يَمْلِكُ أَنْ يُكَرِّرَهُ فَإِنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَمُنَاقَضَةُ الرَّهْنِ مَقْصُورَةٌ عَلَى الْحَالِ فَلَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ الرَّهْنَ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ حُكْمًا قَالَ وَإِنْ وَكَّلَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ فَرَهَنَهُ ثُمَّ كَتَبَ عَلَيْهِ الشِّرَاءَ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ وَالْمُشْتَرِي أَنَّهُ رَهَنَهُ وَأَنَّهُ إنَّمَا كَتَبَ الشِّرَاءَ سُمْعَةً فَفِي الْقِيَاسِ هَذَا لَا يَكُونُ رَهْنًا وَهُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ خَالَفَ أَمْرَهُ فِيمَا أَظْهَرَ وَجَعَلَ مِلْكَهُ فِي الْعَيْنِ بِعَرْضِ الْهَلَاكِ بِمَا كَتَبَ بِهِ مِنْ حُجَّةِ الشِّرَاءِ أَوْ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِتَصَرُّفٍ بَاطِنُهُ كَظَاهِرِهِ وَقَدْ أَبَى بِتَصَرُّفِ بَاطِنِهِ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ فَصَارَ ضَامِنًا وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ هَذَا ظَاهِرًا فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ أَنَّهُمْ يَعْقِدُونَ الرَّهْنَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَقَدْ أَمَرَهُ بِالرَّهْنِ مُطْلَقًا فَيَمْلِكُ بِهِ مَا هُوَ مُتَعَارَفٌ بَيْنَ النَّاسِ وَالضَّرَرُ الْمَوْهُومُ الَّذِي قُلْنَا فِي وَجْهِ الْقِيَاسِ قَدْ انْدَفَعَ بِالْإِشْهَادِ عَلَى إقْرَارِ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ رَهْنٌ وَلَيْسَ بِشِرَاءٍ

قَالَ وَإِنْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَرْهَنَ عَبْدًا لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ رَهَنْته عِنْدَ فُلَانٍ وَقَبَضْت مِنْهُ الْمَالَ وَهَلَكَ وَدَفَعْت إلَيْهِ الْعَبْدَ وَإِنَّمَا قُلْت لَهُ أَقْرِضْ فُلَانًا فَإِنَّهُ أَرْسَلَنِي إلَيْك بِذَلِكَ وَبِذَلِكَ أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ وَصَدَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ وَقَالَ الْمُوَكِّلُ لَمْ يَقْبِضْ هَذَا الْقَرْضَ وَلَمْ يَرْهَنْ الْعَبْدَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْمَالَ بِهَذِهِ الطَّرِيقِ يَجِبُ لِلْمُقْرِضِ عَلَى الْآمِرِ لَا عَلَى الْوَكِيلِ كَمَا لَوْ عَايَنَا هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>