أَنَّ الْوَلَاءَ يَثْبُتُ لِلْمَوْلَى وَالشَّرْعُ إنَّمَا أَثْبَتَ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يُطَالِبُ بِقَبْضِ الْبَدَلِ مَنْ تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ بِتَسْلِيمِ الْمُبْدَلِ وَالْوَكِيلُ بِالْعِتْقِ لَا يَكُونُ مُطَالَبًا بِشَيْءٍ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ وَلَا يَكُونُ إلَيْهِ قَبْضُ الْبَدَلِ بَلْ الْمَوْلَى هُوَ الَّذِي يَقْبِضُ لِأَنَّ مُبَاشَرَةَ نَائِبِهِ كَمُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ
قَالَ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ فَدَبَّرَهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ سِوَى مَا أَمَرَهُ بِهِ فَإِنَّ التَّدْبِيرَ إضَافَةُ الْعِتْقِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ وَالْمَأْمُورِ بِالتَّنْجِيزِ لَا يَمْلِكُ التَّعْلِيقَ وَلَا الْإِضَافَةَ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ غَدًا أَوْ إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ أَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِشَرْطِ قَبُولِهِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ تَعْلِيقِهِ بِشَرْطٍ آخَرَ وَلِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّبَرُّعِ الْمَحْضِ وَرُبَّمَا يَكُونُ لَهُ فِيهِ مَقْصُودٌ يُفَوِّتُ ذَلِكَ بِاشْتِرَاطِ الْعِوَضِ وَهُوَ الْجَوَازُ عَنْ كَفَّارَتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَاتَبَهُ فَإِنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ آخَرُ سِوَى مَا أَمَرَهُ بِهِ فَلِهَذَا لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ آخَرَ بِإِعْتَاقِهِ لِأَنَّ مُطْلَقَ التَّوْكِيلِ لَا يُثْبِتُ لِلْوَكِيلِ وِلَايَةَ تَوْكِيلِ الْغَيْرِ بِهِ فَإِنَّهُ يُسَاوِي تَأْثِيرَهُ بِنَفْسِهِ فِي حَقِّ الْغَيْرِ وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَلِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْعِتْقِ لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ وَهُوَ إنَّمَا أَنَابَهُ مَنَابَ نَفْسِهِ فِي الْإِعْتَاقِ خَاصَّةً
قَالَ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ غَدًا فَأَعْتَقَهُ الْيَوْمَ كَانَ مُخَالِفًا لِأَنَّهُ أَضَافَ وَكَالَتَهُ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يَصِيرُ وَكِيلًا قَبْلَ مَجِيءِ ذَلِكَ الْوَقْتِ قَالَ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ الْيَوْمَ فَأَعْتَقَهُ غَدًا جَازَ اسْتِحْسَانًا وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمَقْصُودَ بِذِكْرِ الْيَوْمِ التَّعْجِيلُ وَهُوَ لَا يُفْسِدُ الْوَكَالَةَ بِالْوَقْتِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَعْتِقْهُ السَّاعَةَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ وَكِيلًا بِعِتْقِهِ مَا لَمْ يَعْزِلْهُ عَنْهُ
قَالَ وَلَوْ وَكَّلَ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَهُ عَلَى مَالِ أَوْ غَيْرِ مَالٍ أَوْ كَاتَبَهُ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ وَمُبَاشَرَةُ هَذَا الْعَقْدِ إنَّمَا تَكُونُ بِالْعِبَادَةِ
قَالَ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ أَلْبَتَّةَ عَلَى مَالٍ أَوْ غَيْرِ مَالٍ ثُمَّ دَبَّرَهُ الْمَوْلَى فَالْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَاسْتَوْلَدَهَا الْمَوْلَى لِأَنَّ التَّدْبِيرَ وَالِاسْتِيلَادَ لَا يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الْإِعْتَاقِ بِجَعْلٍ أَوْ غَيْرِ جَعْلٍ فَلَمْ يَخْرُجْ الْمَحَلُّ بِتَصَرُّفِ الْمَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِمَا فَوَّضَهُ إلَى الْوَكِيلِ
قَالَ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُعْتِقَ أُمَّتَهُ فَوَلَدَتْ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ وَلَدَهَا لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِعِتْقِ شَخْصٍ وَاحِدٍ فَلَا يَمْلِكُ عِتْقَ شَخْصَيْنِ وَلِأَنَّ الْوَكَالَةَ بِالْعِتْقِ لَيْسَتْ بِحَقٍّ مُسْتَحَقٍّ فِي الْأُمِّ وَإِنَّمَا يَسْرِي عَلَى الْوَلَدِ مَا كَانَ مُسْتَحَقًّا فِي الْأُمِّ قَبْلَ الِانْفِصَالِ لِلْوَلَدِ عَنْهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَسْرِي إلَى الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي لِهَذَا الْمَعْنَى وَالْكِتَابَةُ وَالْبَيْعُ عَلَى هَذَا فَإِنَّ التَّوْكِيلَ بِهِمَا لَيْسَ بِحَقٍّ مُسْتَحَقٍّ فِي الْأُمِّ فَلَا يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ قَبْلَ ثُبُوتِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الْأُمِّ
قَالَ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَهُ أَوْ مُكَاتَبَهُ أَوْ يَبِيعَهُ ثُمَّ بَاعَهُ الْمَوْلَى فَقَدْ خَرَجَ الْوَكِيلُ مِنْ الْوَكَالَةِ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ بَعْدَ الْبَيْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute