للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَمْلِكُ فِيهِ مُبَاشَرَةَ التَّصَرُّفِ الَّذِي وَكَّلَ الْوَكِيلَ بِهِ فَإِقْدَامُهُ عَلَى الْبَيْعِ يَتَضَمَّنُ خُرُوجَ الْوَكِيلِ مِنْ الْوَكَالَةِ حُكْمًا فَإِنْ رَجَعَ إلَى مِلْكِ الْمَوْلَى فَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ مِنْ الْأَصْلِ فَقَدْ عَادَ إلَيْهِ قَدِيمُ مِلْكِهِ وَكَانَ الْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ لِأَنَّ رُجُوعَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ كَانَ حُكْمًا لِزَوَالِ مِلْكِهِ فَلَا يَظْهَرُ بَعْدَ عَوْدِ ذَلِكَ الْمِلْكِ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ هُوَ تَمْلِيكٌ فَسَدَ مِنْ وَجْهٍ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ أَوْ بِالْإِقَالَةِ أَوْ الْمِيرَاثِ لَمْ تَعُدْ الْوَكَالَةُ لِأَنَّ تَعَلُّقَهَا كَانَ بِذَلِكَ الْمِلْكِ وَالْعَائِدُ مَلَكَ غَيْرَ ذَلِكَ الْمِلْكِ قَالَ وَلَوْ بَاشَرَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ فَأَدْخَلُوهُ دَارَهُمْ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْمُوَكِّلِ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ بِأَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ لَمْ تَعُدْ الْوَكَالَةُ وَلَوْ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُمْ بِالثَّمَنِ أَوْ مِمَّنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ مِنْ الْغَانِمِينَ بِالْقِيمَةِ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ لِأَنَّهُ بِالْأَخْذِ بِهَذَا الطَّرِيقِ يُعِيدُهُ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ وَقَدْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ مُتَعَلِّقَةً بِذَلِكَ الْمِلْكِ فَإِذَا عَادَ عَادَتْ الْوَكَالَةُ

قَالَ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُعْتِقَ أُمَّتَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا الْمَوْلَى فَارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ بِدَارُ الْحَرْبِ فَأُسِرَتْ وَمَلَكهَا الْمَوْلَى لَمْ يَجُزْ عِتْقُ الْوَكِيلِ فِيهَا لِأَنَّهُ كَانَ مَأْمُورًا بِإِزَالَةِ رِقٍّ كَانَ فِيهَا وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ بِإِعْتَاقِ الْمَوْلَى وَهَذَا الْحَادِثُ رِقٌّ مُتَجَدِّدُ السَّبَبِ فَلَا يَكُونُ هُوَ وَكِيلًا بِإِزَالَتِهِ إلَّا بِتَوْكِيلٍ مُسْتَأْنَفٍ

قَالَ وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَهُ فَقَالَ الْوَكِيلُ أَعْتَقْتُهُ أَمْسِ وَجَحَدَ ذَلِكَ رَبُّ الْعَبْدِ لَمْ يُصَدَّقْ الْوَكِيلُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ بِالْعِتْقِ تَنْتَهِي بِالْفَرَاغِ مِنْهُ فَكَيْفَ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَلَيْسَ هُوَ بِوَكِيلٍ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَإِنَّ الْوَكَالَةَ تَبْقَى بَعْدَ الْمُبَاشَرَةِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَقْدِ بِالْوَكِيلِ تَوْضِيحُهُ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْعِتْقِ مُعَبِّرٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِأَنْ يُعَبِّرَ عَنْهُ إنْشَاءَ الْعِتْقِ دُونَ الْإِقْرَارِ وَكَانَ هُوَ فِي الْإِقْرَارِ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ سِوَى الْمَأْمُورِ بِهِ فَلَا يَصِيرُ بِهِ مُمْتَثِلًا لِلْآمِرِ وَيَبْقَى الْمَأْمُورُ عَلَى وَكَالَتِهِ

قَالَ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ فَقَبِلَ ذَلِكَ ثُمَّ أَبَى أَنْ يُعْتِقَهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مُعِيرٌ لِمَنَافِعِهِ وَالْمُعِيرُ غَيْرُ مُجْبَرٍ عَلَى تَسْلِيمِ مَا أَعَارَهُ وَلَوْ قَالَ لَهُ الْوَكِيلُ أَنْتَ حُرٌّ إنْ شِئْتَ فَقَالَ قَدْ شِئْتُ لَمْ يُعْتِقْ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّنْجِيزِ وَقَدْ أَتَى بِالتَّعْلِيقِ بِمَشِيئَةٍ أَوْ بِتَمْلِيكِ الْآمِرِ مِنْ الْعَبْدِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ وَلَكِنَّهُ يَبْقَى عَلَى وَكَالَتِهِ فَإِذَا أَعْتَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ صَحِيحًا مِنْهُ

قَالَ وَإِنْ أَعْتَقَهُ بِغَيْرِ لِسَانِ الْعَرَبِيَّةِ جَازَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إيصَالُ الْعَبْدِ إلَى شَرَفِ الْحُرِّيَّةِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِأَيِّ لِسَانٍ كَانَ وَبِأَيِّ لَفْظٍ مِنْ الْعَرَبِيَّةِ يَكُونُ كَقَوْلِهِ أَنْتَ عَتِيقٌ أَوْ مُعْتَقٌ وَحَرَّرْتُكَ وَكَمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِاللِّسَانِ يَحْصُلُ بِالْكِتَابِ أَيْضًا حَتَّى إذَا كَتَبَ بِعِتْقِهِ جَازَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَشْتَرِيه مُكَفِّرًا فَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ يَصِيرُ بِهِ مُمْتَثِلًا

قَالَ وَإِنْ قَالَ لَهُ أَعْتِقْ

<<  <  ج: ص:  >  >>