للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسَكَ بِمَا شِئْتَ فَأَعْتَقَ نَفْسَهُ عَلَى دِرْهَمٍ فَهُوَ جَائِزٌ إنْ رَضِيَ الْمَوْلَى بِذَلِكَ لِأَنَّ تَفْوِيضَهُ فِي حَقِّ الْبَدَلِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِأَنَّهُ مَجْهُولُ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ فَلَا يَقْدِرُ الْعَبْدُ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ لِلْمَوْلَى يَبْقَى قَوْلُ الْعَبْدِ أَعْتَقْتُ نَفْسِي بِدِرْهَمٍ فَيُوقَفُ ذَلِكَ عَلَى رِضَا الْمَوْلَى بِهِ كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ الْعَبْدُ بِهَذَا الْكَلَامِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ بِعْ نَفْسَكَ مِنْ نَفْسِكَ بِمَا شِئْتَ فَبَاعَ نَفْسَهُ مِنْ نَفْسِهِ جَازَ ذَلِكَ إذَا رَضِيَ الْمَوْلَى بِهِ وَالطَّلَاقُ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ قِيَاسُ الْعِتْقِ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ فَوَّضَ الْأَمْرَ فِي الْبَدَلِ إلَى رَأْيِهِ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ نَائِبًا عَنْ الْمَوْلَى فِي قَبُولِ الْبَدَلِ عَلَى نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَصْلُحُ نَائِبًا فِي تَعْيِينِ جِنْسِ الْبَدَلِ وَمِقْدَارِهِ

قَالَ وَإِنْ وَكَّلَهُ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَهُ عَلَى مَالِ فَأَعْتَقَهُ عَلَى دِرْهَمٍ جَازَ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي اعْتِبَارِ إطْلَاقِ اللَّفْظِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلُ التَّقْيِيدِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا إلَّا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِنُقْصَانٍ يَسِيرٍ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمَا فِي ثُبُوتِ التَّقْيِيدِ بِدَلِيلِ الْعُرْفِ

قَالَ وَإِنْ وَكَّلَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ عَلَى شَيْءٍ فَمَا أَعْتَقَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ فَهُوَ جَائِزٌ أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَظَاهِرٌ كَمَا هُوَ أَصْلُهُ فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَعِنْدَهُمَا هُنَاكَ يَتَقَيَّدُ مُطْلَقُ اللَّفْظِ بِالْبَيْعِ لِاعْتِبَارِ الْعُرْفِ وَلَا عُرْفَ هُنَاكَ فَإِنَّ الْإِعْتَاقَ بِغَيْرِ النُّقُودِ مِنْ الْأَمْوَالِ مُتَعَارَفٌ كَالْإِعْتَاقِ بِالنُّقُودِ فَلِهَذَا جَازَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ عَلَى أَيِّ صِنْفٍ مِنْ الْمَالِ يُسَمِّيهِ

وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَوْلَى وَالْوَكِيلُ فِي جِنْسِ مَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ الْبَدَلِ أَوْ فِي مِقْدَارِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى لِأَنَّ الْإِذْنَ يُسْتَفَادُ مِنْ جِهَتِهِ فَلَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ إلَّا مَا يُقِرُّ بِهِ

قَالَ وَإِنْ وَكَّلَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ عَلَى جَعْلٍ فَأَعْتَقَهُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَالْعِتْقُ جَائِزٌ وَعَلَى الْعَبْدِ قِيمَةُ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ امْتَثَلَ أَمْرَهُ بِمَا صَنَعَ فَإِنَّ الْعِتْقَ بِالْخَمْرِ لَوْ بَاشَرَهُ الْمَالِكُ كَانَ عِتْقًا بِعِوَضٍ لِقِيَامِ شُبْهَةِ الْمَالِيَّةِ فِي الْخَمْرِ وَعَلَى الْعَبْدِ قِيمَةُ نَفْسِهِ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ فَكَذَلِكَ إذَا بَاشَرَهُ الْوَكِيلُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ هَذَا الْعِتْقَ لَوْ بَاشَرَهُ الْمَالِكُ كَانَ عِتْقًا بِغَيْرِ عِوَضٍ إذْ لَيْسَ فِي الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ شُبْهَةُ الْمَالِيَّةِ فَبِتَسْمِيَتِهِ لَا يَصِيرُ مُمْتَثِلًا لِانْعِدَامِ الرِّضَا بِالْعِتْقِ مَجَّانًا وَالْمُوَكِّلُ إنَّمَا أَمَرَهُ بِعِتْقٍ بِعِوَضٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ بِغَيْرِ عِوَضٍ قَالَ وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى حُكْمِ الْعَبْدِ أَوْ عَلَى حُكْمِ الْوَكِيلِ جَازَ الْعِتْقُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِأَنَّ هَذَا الْعِتْقَ لَوْ بَاشَرَهُ الْمُوَكِّلُ كَانَ عِتْقًا بِعِوَضٍ فَكَذَلِكَ إذَا بَاشَرَهُ الْوَكِيلُ غَيْرَ أَنَّ مَا يَحْكُمُ بِهِ الْعَبْدُ أَوْ الْوَكِيلُ مَجْهُولُ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ فَلَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ وَعِنْدَ فَسَادِ التَّسْمِيَةِ يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ قِيمَةُ نَفْسِهِ وَلَكِنْ لِاشْتِرَاطِ أَصْلِ الْمَالِ بِهَذَا اللَّفْظِ يَنْعَدِمُ الرِّضَا بِالْعِتْقِ مَجَّانًا

قَالَ وَلَوْ قَالَ أَعْتِقْهُ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَأَعْتَقَهُ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ جَازَ الْعِتْقُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ لِأَنَّ فِعْلَ الْوَكِيلِ كَفِعْلِ الْمُوَكِّلِ بِنَفْسِهِ حِينَ امْتَثَلَ أَمْرَهُ فِيمَا صَنَعَ وَقَدْ سَمَّى مَا هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>