للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالٌ وَهُوَ الْعَبْدُ فَإِذَا ظَهَرَتْ حُرِّيَّتُهُ تَبَيَّنَ بِهِ فَسَادُ التَّسْمِيَةِ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى عَبْدٍ وَاسْتُحِقَّ جَازَ الْعِتْقُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قِيمَةُ الْعَبْدِ الْمُسْتَحَقِّ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ أَنَّ فِي قَوْلِهِ الْآخَرَ بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ بِمَالٍ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ ثُمَّ حُكْمُ مُبَادَلَةِ الْمَالِ بِالْمَالِ وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي حُكْمِ مُبَادَلَةِ الْمَالِ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ

قَالَ وَإِنْ وَكَّلَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ عَلَى جَعْلٍ فَأَعْتَقَهُ عَلَى شَاةٍ مَذْبُوحَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ عَلَى دَنِّ خَلٍّ بِعَيْنِهِ فَإِذَا الشَّاةُ مَيِّتَةٌ وَالْخَلُّ خَمْرٌ فَالْعِتْقُ جَائِزٌ فِي الْخَمْرِ وَعَلَى الْعَبْدِ قِيمَةُ نَفْسِهِ وَالْعِتْقُ بَاطِلٌ فِي الشَّاةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَيْتَةِ شُبْهَةُ الْمَالِيَّةِ فَلَا يَصِيرُ بِهَا الْعِتْقُ بِعِوَضٍ بِخِلَافِ الْخَمْرِ فَفِيهَا شُبْهَةُ الْمَالِيَّةِ فَيَكُونُ الْعِتْقُ بِعِوَضٍ عِنْدَ ذِكْرِ الْخَمْرِ فَلَيْسَ فِي تَسْمِيَةِ الشَّاةِ مَا يُوجِبُ اشْتِرَاطَ الْعِوَضِ لِأَنَّ اسْمَ الشَّاةِ يَتَنَاوَلُ الْمَيْتَةَ كَمَا يَتَنَاوَلُ الْمَذْبُوحَةَ بِخِلَافِ تَسْمِيَةِ الْعَبْدِ فَإِنَّ اسْمَ الْعَبْدِ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا مَا هُوَ مَالٌ فَبِذِكْرِهِ يَثْبُتُ اشْتِرَاطُ الْعِوَضِ وَيَصِيرُ الْوَكِيلُ مُمْتَثِلًا أَمْرَهُ

قَالَ وَإِذَا وَكَّلَ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ عَلَى جَعْلٍ فَأَعْتَقَهُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ جَازَ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْعِتْقِ بِمَالٍ نَائِبٌ مَحْضٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْحُقُوقِ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِالْبَدَلِ فَيَكُونُ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ دَيْنُ مَنْ وَقَعَ لَهُ الْعَقْدُ وَهُوَ الْمَوْلَى كَمَا فِي النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فِي حَقِّ الْكَافِرِ فَلِهَذَا صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ وَالْكِتَابَةُ فِي هَذَا قِيَاسُ الْعِتْقِ بِالْجَعْلِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْكِتَابَةِ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ أَيْضًا

قَالَ وَإِذَا وَكَّلَ الْعَبْدُ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ نَفْسَهُ مِنْ مَوْلَاهُ وَيَسْأَلَهُ لَهُ الْعِتْقَ عَلَى مَالٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ وَالْمَوْلَى فَالْعِتْقُ جَائِزٌ وَالْمَالُ عَلَى الْعَبْدِ وَلَيْسَ عَلَى الْوَكِيلِ شَيْءٌ هَكَذَا ذَكَرَ هُنَا وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ الْمَالَ عَلَى الْوَكِيلِ وَهَكَذَا أَجَابَ فِي الْجَامِعِ إلَّا أَنَّ هُنَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَالَ وَيَسْأَلُهُ الْعِتْقَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَالَ يَسْأَلُهُ لَهُ الْعِتْقَ فَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - إنَّمَا اخْتَلَفَ الْجَوَابُ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ فَقَوْلُهُ يَسْأَلُهُ الْعِتْقَ تَفْسِيرٌ لِأَوَّلِ كَلَامِهِ وَبَيَانُ أَنَّهُ جُعِلَ رَسُولًا إلَى الْمَوْلَى وَالْمُطَالَبَةُ بِالْبَدَلِ لَا تَتَوَجَّهُ عَلَى الرَّسُولِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعُقُودِ فَأَمَّا إذَا وَكَّلَهُ الْعَبْدُ فَالْجَوَابُ عَلَى مَا قَالَ فِي الْجَامِعِ إنَّ الْوَكِيلَ هُوَ الْمُطَالَبُ بِتَسْلِيمِ الْبَدَلِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَعِيسَى بْنُ أَبَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ فِي الصَّحِيحِ مَا ذَكَرَ هُنَا دُونَ مَا قَالَهُ فِي الْجَامِعِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مِنْ جَانِبِ الْعَبْدِ فِي الْعِتْقِ بِجَعْلٍ يَكُونُ سَفِيرًا وَمُعَبِّرًا بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ مِنْ جَانِبِ الْمَوْلَى أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى الْآمِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>