امْرَأَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَقَدْ فَعَلَ، فَإِنْ طَلَّقَهُنَّ جَمِيعًا وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ الْوَاحِدَةِ مُمْتَثِلٌ أَمْرَهُ وَفِيمَا زَادَ عَلَيْهِ مُبْتَدِئٌ فَيَقَعُ عَلَى الْوَاحِدَةِ بِغَيْرِ عَيْنِهَا وَالْبَيَانُ إلَى الزَّوْجِ كَمَا لَوْ أَوْقَعَ بِنَفْسِهِ عَلَى إحْدَاهُنَّ بِغَيْرِ عَيْنِهَا وَلَيْسَ إلَى الْوَكِيلِ مِنْ الْبَيَانِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ مُعَبِّرٌ عَنْ الزَّوْجِ وَقَدْ انْتَهَى حُكْمُ وَكَالَتِهِ بِإِيقَاعِهِ
قَالَ: وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ ثَلَاثًا فَإِنْ كَانَ نَوَى الزَّوْجُ ثَلَاثًا فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ طَلِّقْهَا تَفْوِيضٌ وَهُوَ يَحْتَمِلُ مَعْنَى الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ فَإِذَا نَوَى الثَّلَاثَ فَقَدْ نَوَى الْعُمُومَ فِي التَّفْوِيضِ وَذَلِكَ صَحِيحٌ مِنْهُ ثُمَّ الْوَكِيلُ مُمْتَثِلٌ أَمْرَهُ فِي إيقَاعِ الثَّلَاثِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى ثَلَاثًا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي قَوْلِهِمَا تَقَعُ وَاحِدَةٌ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ: طَلِّقْهَا وَاحِدَةً وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: اخْلَعْهَا فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَهُوَ عَلَى مَا بَيَّنَّا؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الثَّلَاثِ تَقَعُ فِي الْخُلْعِ
وَلَوْ قَالَ: طَلِّقْ إحْدَاهُنَّ بِعَيْنِهَا أَوْ اخْلَعْهَا كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ: طَلِّقْ أَيَّتَهنَّ شِئْت وَهُنَاكَ يَمْلِكُ الْإِيقَاعَ عَلَى وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا، وَكَذَلِكَ إذَا طَلَّقَ إحْدَاهُنَّ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِي فَبَاعَ وَاحِدًا مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ جَازَ، وَلَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ لَمْ أَعْنِ هَذَا لَمْ يُصَدَّقْ، فَكَذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ فَإِنْ قِيلَ: التَّعْيِينُ مِنْ ضَرُورَةِ مَا فُوِّضَ إلَيْهِ فَإِنَّ بِدُونِ التَّعْيِينِ لَا يَنْفُذُ بَيْعُهُ وَهُنَا التَّعْيِينُ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ مَا فُوِّضَ إلَيْهِ فَإِنَّ بِدُونِ التَّعْيِينِ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى إحْدَاهُنَّ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْلِكَ الْوَكِيلُ الْإِيقَاعَ عَلَى الْمُعَيَّنَةِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ خِيَارِ الزَّوْجِ، قُلْنَا: هَذَا أَنْ لَوْ شَرَطَ الزَّوْجُ لِنَفْسِهِ خِيَارًا وَهُنَا لَمْ يَشْتَرِطْ وَلَكِنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ لَهُ عِنْدَ انْعِدَامِ تَعَيُّنِ مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ إذَا وَقَعَ عَلَى إحْدَاهُنَّ بِعَيْنِهَا وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي التَّوْكِيلِ وَهُوَ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْإِيقَاعِ عَلَى وَاحِدَةٍ وَهَذِهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ قَدْ أَوْقَعَ عَلَيْهَا فَكَانَ مُمْتَثِلًا لِمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُوَكِّلُ، وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِغَيْرِ عَيْنِهَا وَقَعَ؛ لِأَنَّهُ مُمْتَثِلٌ أَمْرَهُ بِالْإِيقَاعِ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثُمَّ الْخِيَارُ إلَى الزَّوْجِ لِانْعِدَامِ تَعَيُّنِ مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَلَا يَمْلِكُ الْوَكِيلُ التَّعْيِينَ؛ لِأَنَّ وَكَالَتَهُ قَدْ انْتَهَتْ بِالْإِيقَاعِ فَأَمَّا قَبْلَ الْإِيقَاعِ فَوَكَالَتُهُ قَائِمَةٌ فَلِهَذَا مَلَكَ الْإِيقَاعَ عَلَى وَاحِدَةِ بِعَيْنِهَا
قَالَ: وَإِذَا وَكَّلَتْ الْمَرْأَةُ رَجُلًا أَنْ يَخْلَعَهَا مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ أَوْ عَلَى مَا بَدَا لَهُ فَخَلَعَهَا عَلَى الْمَهْرِ الَّذِي أَخَذَتْ مِنْهُ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَيْهَا وَهُوَ دَيْنٌ عَلَى الْمَرْأَةِ وَلَا يُؤْخَذُ بِهِ الْوَكِيلُ؛ لِأَنَّهُ مُعَبِّرٌ عَنْهَا فَإِنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَيْهَا فَيَقُولُ: اخْلَعْ امْرَأَتَك وَلَا يَقُولُ اخْلَعْنِي، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْوَكِيلِ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَلَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ بِالْبَدَلِ أَيْضًا، قَالَ: وَإِذَا وَكَّلَتْهُ بِالْخُلْعِ فَلَهُ أَنْ يَخْلَعَهَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَغَيْرِهِ مَا لَمْ تَعْزِلْهُ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ مُطْلَقٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute