للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُصَحِّحُهَا اعْتِبَارُ التَّبَعِيَّةِ لِلْكَفَالَةِ الْأُولَى وَثُبُوتُ التَّبَعِ بِثُبُوتِ الْمَتْبُوعِ فَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ لَمَّا صَحَّ الْمَتْبُوعُ؛ صَحَّ التَّبَعُ وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي لَمْ يَصِحَّ الْمَتْبُوعُ فَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ التَّبَعَ وَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ مَقْصُودًا بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَتَعَيَّنَتْ جِهَةُ الْبُطْلَانِ فِيهِ

وَإِذَا كَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ فَإِنْ لَمْ يُوَافِهِ بِهِ غَدًا؛ فَالْمَالُ الَّذِي لِلطَّالِبِ عَلَى فُلَانٍ رَجُلٍ آخَرَ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ عَلَى الْكَفِيلِ؛ فَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - الْآخَرِ. وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - الْأَوَّلِ: الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ بَاطِلَةٌ. (وَهَذِهِ الْفُصُولُ أَحَدُهَا) أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ وَاحِدًا فِي الْكَفَالَتَيْنِ فَتَجُوزُ الْكَفَالَتَانِ اسْتِحْسَانًا كَمَا بَيَّنَّا (وَالثَّانِي) أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ مُخْتَلِفًا: فَتُبْطَلُ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ. سَوَاءٌ كَانَ الْمَطْلُوبُ وَاحِدًا، أَوْ اثْنَيْنِ. نَحْوَ أَنْ يَكْفُلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَالْمَالُ الَّذِي لِرَجُلٍ آخَرَ عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ عَلَى الْكَفِيلِ، أَوْ الْمَالُ الَّذِي لِرَجُلٍ آخَرَ سِوَى الطَّالِبِ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ سِوَى الْمَطْلُوبِ عَلَى الْكَفِيلِ؛ فَهَذَا بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ اخْتِلَافِ الطَّالِبِ الْكَفَالَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَكُونُ تَابِعَةً لِلْكَفَالَةِ الْأُولَى وَلَا يَكُونُ تَصْحِيحُهَا مَقْصُودًا لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلِالْتِزَامِ بِالشَّرْطِ؛ وَلِأَنَّا عِنْدَ اتِّحَادِ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ صَحَّحْنَا الْكَفَالَةَ الثَّانِيَةَ حَمْلًا لِكَلَامِهِ عَلَى مَعْنَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الطَّالِبِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الطَّالِبُ وَاحِدًا وَالْمَطْلُوبُ اثْنَيْنِ؛ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ كَمَا بَيَّنَّا فَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: الْكَفَالَةُ الثَّانِيَةُ هُنَا لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا تَبَعًا لِلْكَفَالَةِ الْأُولَى لِأَنَّ الْكَفَالَةَ الْأُولَى بِنَفْسٍ غَيْرِ نَفْسِ الْمَطْلُوبِ بِالْمَالِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تُجْعَلَ الْمُوَافَاةُ بِنَفْسِهِ مُبَرِّئَةً لَهُ عَمَّا الْتَزَمَهُ عَنْ آخَرَ فَبَقِيَتْ هَذِهِ كَفَالَةً مَقْصُودَةً مُتَعَلِّقَةً بِالشَّرْطِ، وَهِيَ مُخَاطَرَةٌ فَلَا يَصِحُّ كَمَا قَالَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي. وَكَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ الْكَفَالَةِ هُنَا بِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّحَدَ الْمَطْلُوبُ

فَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنَّهُ يَقُولُ: الْكَفَالَةُ الثَّانِيَةُ هُنَا تُوقِنُ بِحَقِّ مَنْ وَقَعَتْ الْكَفَالَةُ الْأُولَى لَهُ فَيَصِحُّ كَمَا إذَا اتَّحَدَ الْمَطْلُوبُ وَهَذَا لِأَنَّ الْكَفَالَةَ إنَّمَا تَقَعُ لِلطَّالِبِ. حَتَّى يَحْتَاجَ إلَيْهِ قَبُولُ الطَّالِبِ وَإِذَا كَانَ الطَّالِبُ وَاحِدًا أَمْكَنَ جَعْلُ الْكَفَالَتَيْنِ فِي الْمَعْنَى كَكَفَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِتْبَاعُ الثَّانِيَةِ لِلْأُولَى فَيُحْكَمُ بِصِحَّتِهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَ الطَّالِبُ

وَلَوْ قَالَ فَإِنْ لَمْ أُوَافِكَ بِهِ؛ فَالْمَالُ الَّذِي لَك عَلَيْهِ وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَالْمَالُ الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ وَهُوَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ: عَلَيَّ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُوَافَاةِ، عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: عَلَيْهِ الْمَالُ الَّذِي كَانَ عَلَى الْمَطْلُوبِ دُونَ الَّذِي عَلَى غَيْرِهِ اعْتِبَارًا لِحَالَةِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِحَالِ إفْرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاسْتَشْهَدَ لَهُمَا بِمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِمَا مَالٌ وَاحِدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>