للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ فَكَفَلَ بِنَفْسِ أَحَدِهِمَا عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَالْمَالُ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ وَهُوَ كَذَا عَلَيَّ إنْ لَمْ أُوَافِ بِهِ أَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعُذْرُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ هُنَا وَاحِدٌ سَوَاءٌ أَضَافَهُ إلَى الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ أَوْ إلَى صَاحِبِهِ

وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ لِلطَّالِبِ عَلَيْهِ مَالٌ فَلَزِمَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ فَأَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ؛ فَالْمَالُ الَّذِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ الْمَكْفُولِ بِهِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ؛ فَهُوَ جَائِزٌ وَهَذَا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَعُذْرُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ هُنَا بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الْمَالِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْمَطْلُوبَ إذَا بَرِئَ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ بَرِئَ الْكَفِيلُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي؛ فَأَمْكَنَ تَصْحِيحُ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ تَبَعًا لِلْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ

وَإِذَا كَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ أَوْ بِمَا عَلَيْهِ وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ كَانَ جَائِزًا؛ لِأَنَّهُ رَدَّدَ الِالْتِزَامَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْجَهَالَةِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الِالْتِزَامِ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ، وَالْخِيَارُ إلَى الْكَفِيلِ وَأَيُّهُمَا سَلَّمَ الْمَالَ أَوْ النَّفْسَ بَرِئَ؛ لِأَنَّ حَرْفَ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ، وَعَزِيمَةُ الْكَلَامِ فِي أَحَدِهِمَا

وَإِذَا كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ أَوْ بِمَا عَلَيْهِ أَوْ بِنَفْسِ فُلَانٍ آخَرَ أَوْ بِمَا عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَأَيَّ ذَلِكَ دَفَعَ الْكَفِيلُ فَهُوَ بَرِيءٌ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْمَكْفُولِ بِهِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ عِنْدَ عَدَمِ التَّنْصِيصِ فَعِنْدَ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ أَوْلَى وَأَيَّ ذَلِكَ دَفَعَ فَقَدْ وَفَّى بِمَا لَزِمَهُ

وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ قِبَلَ رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْكَرَهَا ثُمَّ قَالَ: إنْ لَمْ أُوَافِكَ بِهِ غَدًا فَهُوَ عَلَيَّ فَإِنْ لَمْ يُوَافِهِ بِهِ غَدًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلِالْتِزَامِ بِالْخَطَرِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: إنْ دَخَلْتَ دَارَكَ فَهُوَ عَلَيَّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ جَاحِدٍ وَقَالَ إنْ لَمْ أُوَافِكَ بِهِ غَدًا فَاَلَّذِي تَدَّعِي عَلَيْهِ لَك عَلَيَّ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ جَائِزَةٌ وَيَلْزَمُ الْكَفِيلَ الْمَالُ إنْ لَمْ يُوَافِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْتِزَامَ الْمَالِ تَبَعًا لِلْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَقَدْ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فَكَذَلِكَ بِالْمَالِ. وَحَقِيقَةُ الْمَعْنَى فِي الْفَرْقِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ عَلَى الْكَفِيلِ؛ وُجُوبُ أَصْلِ الْمَالِ فِي ذِمَّتِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا أَنَّ مُوجَبَ الْكَفَالَةِ الْمُطَالَبَةُ بِمَا هُوَ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ وَهُوَ لَمَّا قُدِّمَ عَلَى الْكَفَالَةِ صَارَ كَالْمُقِرِّ بِوُجُوبِ الْمَالِ فِي ذِمَّةِ الْمَطْلُوبِ، وَإِقْرَارُهُ بِذَلِكَ مُلْزِمٌ إيَّاهُ، - وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْمَالُ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمَطْلُوبِ - بِخِلَافِ الْمَطْلُوبِ إذَا عَلَّقَ الِالْتِزَامَ بِعَدَمِ مُوَافَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَوَجُّهُ الْمُطَالَبَةِ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ وُجُوبِ الْمَالِ فِي ذِمَّتِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْإِقْرَارُ بِوُجُوبِ الْمَالِ عَلَيْهِ صَرِيحًا وَلَا دَلَالَةً فَكَانَتْ هَذِهِ مُخَاطَرَةً. حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَطْلُوبُ أَمَرَ الْكَفِيلَ بِالْكَفَالَةِ بِهَذَا الشَّرْطِ يَجِبُ الْمَالُ بِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ

وَلَوْ كَفَلَ رَجُلًا بِنَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا؛ فَالْأَلْفُ دِرْهَمٍ الَّتِي لَك عَلَيْهِ عَلَى فُلَانٍ آخَرَ سِوَى الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ وَإِقْرَارُ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ بِذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الِاسْتِحْسَانِ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>