للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ عَلَيْهِ

وَلَوْ اشْتَرَطَ الْكَفِيلُ عَلَى الطَّالِبِ إنْ لَمْ يُوَافِينِي غَدًا عِنْدَ الْمَسْجِدِ لِيَقْبِضَهُ مِنِّي فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ فَالْتَقَيَا بَعْدَ الْغَدِ فَقَالَ الْكَفِيلُ: قَدْ وَافَيْت بِهِ، وَقَالَ الطَّالِبُ: قَدْ وَافَيْت وَلَمْ تُوَافِ لَمْ يُصَدَّقْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْمُوَافَاةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَعُ مُوَافَاتَهُ، وَخَصْمُهُ يُكَذِّبُهُ فِي ذَلِكَ فَلَا تَثْبُتُ مُوَافَاةٌ بِدَعْوَى كُلٍّ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ، وَكَانَ الْكَفِيلُ عَلَى كَفَالَتِهِ وَالْمَالُ لَازِمٌ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ مُلْتَزِمٌ لِلْمَالِ بِنَفْسِ الْكَفَالَةِ وَجَعَلَ شَرْطَ بَرَاءَتِهِ مُوَافَاتَهُ وَلَمْ يُثْبِتْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ؛ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ، وَلَوْ جَعَلَ شَرْطَ الْبَرَاءَةِ عَدَمَ مُوَافَاةِ الطَّالِبِ لِيَقْبِضَهُ مِنْهُ وَلَمْ يُثْبِتْ هَذَا الشَّرْطَ بِقَوْلِهِ: لَمْ تُوَافِ أَنْتَ بَلْ يُجْعَلُ الْقَوْلُ قَوْلَ الطَّالِبِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى مَا عُرِفَ أَنَّ الشَّرْطَ سَوَاءٌ كَانَ نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِحُجَّةٍ. وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يُنْكِرُ وُجُودَ الشَّرْطِ فَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُوَافَاةِ إلَى الْمَسْجِدِ وَلَمْ تَشْهَدْ عَلَى دَفْعِ الْكَفِيلِ إلَيْهِ؛ فَإِنَّ الْمَالَ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ شَرْطَ بَرَاءَتِهِ عَنْ الْمَالِ وَهُوَ عَدَمُ مُوَافَاةِ الطَّالِبِ لِيَقْبِضَهُ مِنْهُ؛ فَيَبْرَأُ مِنْ الْمَالِ وَلَكِنَّ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ عَلَى حَالِهَا؛ لِأَنَّ بَرَاءَتَهُ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ بِتَسْلِيمِهِ إلَى الطَّالِبِ وَلَمْ يُوجَدْ؛ وَلِأَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ قَدْ تَحَقَّقَتْ الْمُعَارَضَةُ بَيْنَهُمَا فَامْتَنَعَ الْقَضَاءُ بِمَا كَانَ مُتَقَرِّرًا وَهُوَ وُجُوبُ تَسْلِيمِ النَّفْسِ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ. وَالْعَمَلُ بِهِمَا مُمْكِنٌ فِي الْبَرَاءَةِ عَلَى الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ يُثْبِتُ شَرْطَ الْبَرَاءَةِ بِبَيِّنَةٍ وَالْآخَرُ يَنْفِي فَيَتَرَجَّحُ الْإِثْبَاتُ، وَإِنْ أَقَامَ الْمَطْلُوبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مُوَافَاةِ الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يُقِمْ الطَّالِبُ الْبَيِّنَةَ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ كَفَالَةِ النَّفْسِ وَالْمَالِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ غَيْرُ مُصَدَّقٍ عَلَى الْمُوَافَاةِ وَالْكَفِيلُ أَثْبَتَ بِبَيِّنَتِهِ مُوَافَاتَهُ الْمَسْجِدَ؛ فَوَجَبَ قَبُولُ بَيِّنَتِهِ عَلَى ذَلِكَ وَإِذَا قَبِلْنَا بِبَيِّنَتِهِ صَارَ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ فَيَثْبُتُ شَرْطُ الْبَرَاءَةِ عَنْ الْمَالِ وَالنَّفْسِ جَمِيعًا

وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ غَدًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَالْمَالُ عَلَيْهِ وَلَوْ اشْتَرَطَ الْكَفِيلُ عَلَيْهِ: إنْ لَمْ تُوَافِنِي فَتَقْبِضَهُ مِنِّي فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ وَالْمَالِ فَلَمْ يَلْتَقِيَا مِنْ الْغَدِ؛ فَالْكَفِيلُ بَرِيءٌ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْكَفِيلِ أَنَّ الطَّالِبَ لَمْ يُوَافِ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الطَّالِبِ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ مُوَافَاةُ الْمَكَانِ مَشْرُوطَةٌ عَلَى الطَّالِبِ وَالْكَفِيلِ جَمِيعًا وَمُوَافَاةُ الْكَفِيلِ لَا تَثْبُتُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي وُجُودَ فِعْلٍ كَانَ مَشْرُوطًا فَلَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ إلَّا بِحُجَّةٍ وَلِهَذَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُوَافَاةِ بِنَفْسِهِ بَرِئَ؛ لِأَنَّ مُوَافَاةَ الْمَكَانِ مَشْرُوطَةٌ عَلَيْهِ فَتَثْبُتُ بِبَيِّنَتِهِ فَأَمَّا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ: فَالْمُوَافَاةُ غَيْرُ مَشْرُوطَةٍ عَلَى الْكَفِيلِ وَإِنَّمَا هِيَ مَشْرُوطَةٌ عَلَى الطَّالِبِ، وَأَنْ يَأْتِيَ لِيَقْبِضَهُ مِنْهُ وَلَمْ يَأْتِ فَقَدْ وُجِدَ شَرْطُ بَرَاءَةِ الْكَفِيلِ عَنْ الْمَالِ فَلِهَذَا كَانَ بَرِيئًا وَحَاصِلُ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الْفُصُولِ بِحَرْفٍ وَهُوَ أَنَّ مَنْ يُنْكِرُ فِعْلَ غَيْرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَسِّكٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>