بِالْأَصْلِ. وَمَنْ يَدَّعِي فِعْلَ نَفْسِهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِحُجَّةٍ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي أَمْرًا عَارِضًا
وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ مَا لِلطَّالِبِ عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ الْغَدَ وَقَالَ الْكَفِيلُ لَا شَيْءَ لَك عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ مَالًا مَوْصُوفًا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا عَلَى الْأَصِيلِ فَلَمَّا لَمْ يَثْبُتْ الْوُجُوبُ عَلَى الْأَصِيلِ لَا يَصِيرُ هُوَ مُلْتَزِمًا كَمَا لَوْ قَالَ: مَا قُضِيَ بِهِ لَك عَلَيْهِ فَهُوَ عَلَيَّ فَمَا لَمْ يَصِرْ الْمَالُ مَقْضِيًّا بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ لَا يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ وَبِقَوْلِ الطَّالِبِ لَمْ يَصِرْ الْمَالُ وَاجِبًا عَلَى الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلُ فِي إنْكَارِهِ تَمَسَّكَ بِالْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ الطَّالِبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِحْلَافٌ عَلَى مَا هُوَ فِعْلُ غَيْرِهِ. وَهَذَا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مَا إذَا قَالَ: إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَالْمَالُ الَّذِي تَدَّعِي عَلَيْهِ عَلَيَّ؛ لِأَنَّهُ كَفَلَ هُنَاكَ بِمَا يَدَّعِيه الطَّالِبُ، وَالدَّعْوَى مُتَحَقِّقَةٌ مِنْهُ فَلَمَّا وُجِدَتْ الصِّفَةُ الَّتِي قَيَّدَتْ الْكَفَالَةَ بِمَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ لِلْمَالِ؛ كَانَ مُؤَاخَذًا بِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ قَرَّ الْكَفِيلُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَقَرَّ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ؛ صُدِّقَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ، وَلَمْ يُصَدَّقْ الْكَفِيلُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ الْتَزَمَ بِالْكَفَالَةِ مَا كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْأَصِيلِ وَقْتَ كَفَالَتِهِ، وَإِقْرَارُ الْأَصِيلِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى الْكَفِيلِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْوُجُوبُ وَقْتَ الْكَفَالَةِ، فَمَا أَقَرَّ بِهِ الْكَفِيلُ وَهُوَ الْمِائَةُ فَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ
وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا؛ فَعَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ قَدْرَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمَطْلُوبُ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ الْغَدَ، وَأَقَرَّ الْمَطْلُوبُ أَنَّ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَالْكَفِيلُ ضَامِنٌ لَهَا؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ الْكَفَالَةَ هُنَا بِصِفَةٍ، ثَبَتَتْ تِلْكَ الصِّفَةُ بِإِقْرَارِ الْمَطْلُوبِ فَيَتِمُّ بِهِ شَرْطُ الِالْتِزَامِ بِالْكَفَالَةِ. بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ بِإِقْرَارِهِ هُنَاكَ: ثَبَتَ الْوُجُوبَ عَلَيْهِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَإِنَّمَا الْتَزَمَ هُوَ بِالْكَفَالَةِ مَا كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَقْتَ الْكَفَالَةِ وَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ إلَّا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ الْكَفِيلُ لَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فِيهِ بَعْدَ الِاسْتِحْلَافِ.
وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ مَا ادَّعَى الطَّالِبُ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ الْغَدَ وَادَّعَى الطَّالِبُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَقَرَّ بِهَا الْمَطْلُوبُ وَجَحَدَهَا الْكَفِيلُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْكَفِيلِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَفَلَ هُنَا بِمَا ادَّعَاهُ الطَّالِبُ وَقَدْ تَحَقَّقَتْ الدَّعْوَى مِنْهُ، وَالْإِقْرَارُ مِنْ الْمَطْلُوبِ وَلَكِنَّ مُرَادَهُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ كَفَلَ بِمَا ادَّعَاهُ الطَّالِبُ قَبْلَ الْكَفَالَةِ، وَلَمْ تَظْهَرْ تِلْكَ الدَّعْوَى مِنْهُ وَلَكِنَّهُ لَمَّا لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا؛ ادَّعَى الْآنَ أَنَّهُ كَانَ ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَبْلَ الْكَفَالَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُصَدَّقٍ فِي هَذَا؛ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ فِي إنْكَارِهِ أَنَّك لَمْ تَدَّعِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ هُنَاكَ إنَّمَا كَفَلَ بِمَا يَدَّعِي الطَّالِبُ عَلَيْهِ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ مِنْهُ بِالْمُعَايَنَةِ بَعْدَ الْكَفَالَةِ.
وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنْ يُوَافِيَ بِهِ إذَا جَلَسَ الْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ فَعَلَيْهِ الْأَلْفُ الَّتِي لِلطَّالِبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute