الطَّالِبُ يَرْجِعُ بِمَا بَقِيَ مِنْ حَقِّهِ فَيَضْرِبُ بِهِ مَعَ غُرَمَاءِ الْكَفِيلِ فِي تَرِكَةِ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ إلَّا مِنْ الْقَدْرِ الَّذِي وَصَلَ إلَى الطَّالِبِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَقَطَعَ الْجَوَابَ فِي الْكِتَابِ عَلَى هَذَا.
وَهُوَ مُبْهَمٌ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ قَاصِرٌ فِي الْبَيَانِ فَحِينَئِذٍ لَا يَتِمُّ بَيَانُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا ذَكَرَ وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ مَسْأَلَةٌ أَشْكَلُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْحِسَابِيَّاتِ وَغَيْرِهَا فَالْوَجْهُ أَنْ نُصَوِّرَ الْمَسْأَلَةَ لِيَتَبَيَّنَ مَوْضِعُ الْإِشْكَالِ فَنَقُولُ: دَيْنُ الطَّالِبِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَقَدْ تَرَكَ الْكَفِيلُ عَشَرَةً وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِرَجُلٍ آخَرَ عَشَرَةٌ، وَتَرَكَ الْمَكْفُولُ مِنْهُ أَيْضًا عَشَرَةً وَعَلَيْهِ لِرَجُلٍ آخَرَ دَيْنٌ عَشَرَةٌ فَالطَّالِبُ بِالْخِيَارِ كَمَا بَيَّنَّا فَإِنْ بَدَأَ بِتَرِكَةِ الْكَفِيلِ؛ ضَرَبَ بِالْعَشَرَةِ فِي تَرِكَتِهِ وَغَرِيمُ الْكَفِيلِ بِالْعَشَرَةِ فَكَانَتْ تَرِكَتُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَوَصَلَ إلَى الطَّالِبِ خَمْسَةٌ يَأْتِي فِي تَرِكَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَيَضْرِبُ مَعَ غَرِيمِهِ بِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَيَضْرِبُ وَرَثَةُ الْكَفِيلِ أَيْضًا بِمَا أَدَّوْا إلَى الطَّالِبِ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ فَيُسَلِّمُ الْغَرِيمُ الْمَطْلُوبَ خَمْسَةً وَلِلطَّالِبِ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ وَلِوَرَثَةِ الْكَفِيلِ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ لَا يُسَلِّمُ هَذَا لِوَرَثَةِ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ تَرِكَةُ الْكَفِيلِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ دَيْنِ غَرِيمِهِ خَمْسَةٌ وَمِنْ دَيْنِ الطَّالِبِ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ فَيَقْسِمَانِ هَذَا الَّذِي ظَهَرَ مِنْ تَرِكَتِهِ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا أَثْلَاثًا فَالثُّلُثُ الَّذِي يَسْتَوْفِيهِ الطَّالِبُ رَجَعَ بِهِ وَرَثَةُ الْكَفِيلِ فِي تَرِكَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَيَتَبَيَّنُ بِهِ بُطْلَانُ الْقِسْمَةِ الْأُولَى، وَإِنْ اسْتَأْنَفُوا الْقِسْمَةَ عَلَى هَذَا الَّذِي ظَهَرَ أَيْضًا يَرْجِعُ بِهِ الطَّالِبُ فِيمَا يَسْتَوْفُونَ وَيَرْجِعُونَ بِمَا يُعْطُونَ إلَيْهِ فِي تَرِكَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ أَيْضًا وَلَا يَزَالُ يَدُورُ، هَكَذَا إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى.
وَإِذَا بَدَأَ بِالرُّجُوعِ فِي تَرِكَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَضَرَبَ مَعَ غَرِيمِهِ بِالْعَشَرَةِ وَاقْتَسَمَا تَرِكَتَهُ نِصْفَيْنِ فَإِنَّهُ يَضْرِبُ بِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ فِي تَرِكَةِ الْكَفِيلِ مَعَ غَرِيمِ الْكَفِيلِ فَيَقْتَسِمَانِ الْعَشَرَةَ أَثْلَاثًا فَيَتَبَيَّنُ أَنَّ وَرَثَةَ الْكَفِيلِ أَدَّوْا إلَى الطَّالِبِ ثَلَاثَةً وَثُلُثًا وَيَرْجِعُونَ بِهِ فِي تَرِكَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْقِسْمَةِ الْأُولَى، وَكَذَلِكَ إنْ اسْتَأْنَفُوا الْقِسْمَةَ ثَانِيًا وَثَالِثًا فَكَمَا وَصَلَ إلَيْهِمْ شَيْءٌ يَأْخُذُ الطَّالِبُ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ حِصَّتِهِ وَيَرْجِعُ بِهِ وَرَثَةُ الْكَفِيلِ فِي تَرِكَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى. فَهَذَا بَيَانُ مَوَاضِعِ إشْكَالِ الْمَسْأَلَةِ. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الْقُمِّيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ مُتَقَدِّمِي عُلَمَائِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - مِنْ الْحِسَابِ يَقُولُ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ بَابِ مُفْتَرَيَاتِ الْجَبْرِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ يَعْرِفُ مُفْرَدَاتِ الْجَبْرِ وَمَا كَانَ يَعْرِفُ مُفْتَرَيَاتِ الْجَبْرِ أَصْلًا؛ فَلِهَذَا تَرَكَ بَيَانَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ هَذِهِ الْحَاجَةَ تَقَعُ إلَى مَعْرِفَةِ الْقَدْرِ الَّذِي يَرْجِعُ بِهِ وَرَثَةُ الْكَفِيلِ فِي تَرِكَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ لِيَضُمَّ ذَلِكَ إلَى مَا يَضْرِبُ بِهِ الطَّالِبُ فِي تَرِكَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ غَرِيمُهُ وَالْعِلْمُ بِمُفْرَدَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute