للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَوْ وَهَبَ الْمَالَ هُنَا مِنْ الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُسَلِّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ نَائِبًا عَنْهُ فِي قَبْضِهِ اسْتِحْسَانًا قَالَ فَإِنْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْكَفَالَةِ عَلَى هَذَا كَانَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا قَضَاهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ مِنْهُ بِحُكْمِ تَمْلِيكٍ فَاسِدٍ وَيَرْجِعُ الطَّالِبُ عَلَيْهِ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ

وَلَوْ كَفَلَ نَفْسَهُ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا ذَابَ عَلَيْهِ وَكِيلٌ فِي خُصُومَتِهِ فَلَيْسَ لِلطَّالِبِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَلَا أَنْ يُخَاصِمَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْمُدَّةِ لِتَوْسِعَةِ الْأَمْرِ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يَتَضَيَّقُ الْأَمْرُ عَلَيْهِ إلَّا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ كَاشْتِرَاطِ الْمَطْلُوبِ الْأَجَلَ لِنَفْسِهِ فِي الدَّيْنِ وَالْوَكَالَةِ فِي الْخُصُومَةِ وَضَمَانِ الْمَالِ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ مُوَافَاةٍ مُسْتَحَقَّةٍ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ فَلِهَذَا لَا يُطَالِبُهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ. وَعَلَى هَذَا الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ بِغَيْرِ وَكَالَةٍ فَإِنَّ الْمَعْنَى يَجْمَعُ الْكُلَّ.

وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَجَعَلَ الْمَكْفُولَ بِهِ وَكِيلًا فِي خُصُومَتِهِ ضَامِنًا لِمَا ذَابَ عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ الْكَفِيلُ وَلَهُ مَالٌ؛ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَ الطَّالِبِ وَوَرَثَتِهِ وَلَكِنَّهُ يُخَاصِمُ الْمَكْفُولَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ فَإِنَّ الْمُوَكِّلَ إنَّمَا رَضِيَ بِرَأْيِهِ فِي الْخُصُومَةِ فَلَا يَقُومُ رَأْيُ وَارِثِهِ فِي ذَلِكَ مَقَامَ رَأْيِهِ وَالْكَفَالَةُ بِالْمَالِ بَاقِيَةٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَكِنْ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الذَّوْبُ عَلَى الْمَطْلُوبِ لَا يَكُونُ هُوَ ضَامِنًا لِلْمَالِ. وَالذَّوْبُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ عِنْدَ خُصُومَةِ الطَّالِبِ وَإِثْبَاتِ حَقِّهِ عَلَيْهِ بِالْحُجَّةِ فَلِهَذَا خَاصَمَ الْمَكْفُولَ بِهِ وَمَا قُضِيَ لَهُ بِهِ عَلَيْهِ ضَرَبَ بِهِ مَعَ غُرَمَاءِ الْكَفِيلِ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّ الذَّوْبَ قَدْ تَحَقَّقَ، فَالْوُجُوبُ بِالْكَفَالَةِ يَسْتَنِدُ إلَى أَصْلِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ اللُّزُومَ تَعَلَّقَ بِهِ نَفْسِهِ وَقَدْ كَانَ أَصْلَ السَّبَبِ فِي صِحَّتِهِ فَلِهَذَا الْمَعْنَى الْوَاجِبِ مِنْ جُمْلَةِ دَيْنِ الصِّحَّةِ يَضْرِبُ بِهِ مَعَ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ أَيْضًا فَخَاصَمَ الطَّالِبُ وَرَثَتَهُ أَوْ وَصِيَّهُ فَقُضِيَ لَهُ بِالْمَالِ كَانَ لَهُ أَنْ يَتْبَعَ مِيرَاثَ أَيِّهِمَا شَاءَ؛ لِأَنَّ الذَّوْبَ قَدْ تَحَقَّقَ فَيَضْرِبُ فِي مِيرَاثِهِ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَفِي مِيرَاثِ الْآخَرِ بِمَا يَبْقَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ بَعْضُ حَقِّهِ حِينَ ضَرَبَ مَعَ غُرَمَاءِ الْأَوَّلِ فَلَا يَضْرِبُ مَعَ غُرَمَاءِ الْآخَرِ إلَّا بِمَا بَقِيَ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِوَى هَذَا الدَّيْنِ فَالْجَوَابُ وَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَيْنٌ آخَرُ يَضْرِبُ مَعَ غُرَمَاءِ أَيِّهِمَا شَاءَ أَوَّلًا بِجَمِيعِ دَيْنِهِ وَفِي الْكِتَابِ أَبْهَمَ فَقَالَ إنْ بَدَأَ فَضَرَبَ مَعَ غُرَمَاءِ الْكَفِيلِ رَجَعَ عَلَى وَرَثَةِ الْكَفِيلِ بِمَا أَدَّوْا فِي مَالِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَضَرَبُوا بِهِ مَعَ غُرَمَائِهِ؛ لِأَنَّ كَفَالَتَهُ عَنْهُ كَانَتْ بِأَمْرِهِ وَمَا يُسْتَوْفَى مِنْ تَرِكَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا يُؤَدِّيهِ فِي حَيَاتِهِ، وَيَرْجِعُ بِهِ وَرَثَتُهُ فِي تَرِكَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَإِنْ بَدَأَ فَضَرَبَ مَعَ غُرَمَاءِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ لَمْ يَرْجِعْ وَرَثَةُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ؛ فِي تَرِكَةِ الْكَفِيلِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْحَقِّ كَانَ عَلَى مُوَرِّثِهِمْ وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>