أَجَلٍ دُونَ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ مِثْلِهِ؛ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا سُمِّيَ أَمَّا إذَا لَمْ يُسَمِّ الْكَفِيلُ شَيْئًا؛ فَالْمَالُ عَلَيْهِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ بِالْكَفَالَةِ إنَّمَا يَلْتَزِمُ الْمُطَالَبَةَ الَّتِي هِيَ ثَابِتَةٌ عَلَى الْأَصِيلِ.
وَالْمُطَالَبَةُ بِهَذَا الْمَالِ عَلَى الْأَصِيلِ بَعْدَ حِلِّ الْأَجَلِ، فَيَثْبُتُ ذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ الْكَفِيلِ أَيْضًا. وَأَمَّا إذَا كَفَلَ بِهِ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحَ بِمَا هُوَ مُقْتَضَى مُطْلَقِ الْكَفَالَةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ لَا يَزِيدُهُ إلَّا وِكَادَةً أَمَّا إذَا كَفَلَ بِهِ إلَى أَجَلٍ دُونَ ذَلِكَ فَلِأَنَّهُ لَوْ كَفَلَ بِهِ حَالًّا لَزِمَهُ الْمَالُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْأَصِيلَ لَوْ أَسْقَطَ الْأَجَلَ لَزِمَهُ الْمَالُ فِي الْحَالِ فَكَذَلِكَ الْكَفِيلُ وَكَفَالَتُهُ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ حَالًّا بِمَنْزِلَةِ إسْقَاطِ الْأَجَلِ فَإِذَا جَازَ فِي جَمِيعِ الْأَجَلِ؛ جَازَ فِي بَعْضِهِ، وَإِنْ كَفَلَ بِهِ إلَى أَجَلٍ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَالُ حَالًّا عَلَى الْأَصِيلِ فَكَفَلَ بِهِ الْكَفِيلُ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى؛ صَحَّ وَلَمْ يُطَالِبْ الْكَفِيلُ إلَّا بَعْدَ حِلِّ الْأَجَلِ فَكَذَلِكَ إذَا كَفَلَ بِهِ إلَى أَجَلٍ أَكْثَرَ مِنْ الْأَجَلِ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ، فَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْمَالِ حَالًّا فَأَخَذَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ حَتَّى أَقَامَ لَهُ بِهِ كَفِيلًا إلَى سَنَةٍ؛ فَهُوَ جَائِزٌ وَالتَّأْخِيرُ عَنْهُمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ التَّأْجِيلَ إلَى أَصْلِ الْمَالِ وَأَصْلُ الْمَالِ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ الْمَطْلُوبِ فَيَثْبُتُ الْأَجَلُ فِيهِ ثُمَّ يَثْبُتُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ بِثُبُوتِهِ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَجَّلَ الْكَفِيلَ سَنَةً؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ هُنَا غَيْرُ مُضَافٍ إلَى أَصْلِ الْمَالِ بَلْ هُوَ مُضَافٌ إلَى الْمُطَالَبَةِ الَّتِي الْتَزَمَهَا الْكَفِيلُ بِالْكَفَالَةِ فَيَبْقَى أَصْلُ الْمَالِ حَالًّا عَلَى الْأَصِيلِ. وَلَوْ أَنَّ الْكَفِيلَ أَخَّرَ الْمَطْلُوبَ بَعْدَ الْحِلِّ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى كَانَ التَّأْخِيرُ عَنْ الْمَطْلُوبِ لِلْكَفِيلِ دُونَ الطَّالِبِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ التَّأْخِيرَ إلَى مَا اسْتَوْجَبَهُ عَلَى الْأَصِيلِ بِالْكَفَالَةِ وَذَلِكَ فِي حُكْمِ دَيْنٍ آخَرَ سِوَى دَيْنِ الطَّالِبِ وَلِأَنَّ التَّأْخِيرَ تَصَرُّفٌ مِنْ الْكَفِيلِ بِإِسْقَاطِ حَقِّ الْمُطَالَبَةِ إلَى مُدَّةٍ وَذَلِكَ صَحِيحٌ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ الطَّالِبِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى ثَوْبٍ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ بَعْضِهِ جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِ دُونَ الطَّالِبِ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ كَمَا لَوْ أَجَّلَهُ بَعْدَ الْأَدَاءِ، وَلَوْ أَجَّلَ الْمَالَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ أَخَّرَ الطَّالِبُ الْأَصِيلَ سَنَةً فَهُوَ تَأْخِيرٌ عَنْهُمَا وَلَوْ أَخَّرَ الْكَفِيلَ سَنَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَصِيلَ بِهَا حَالَّةً اعْتِبَارًا لِلتَّأْجِيلِ بِالْإِبْرَاءِ فَكَمَا أَنَّ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ لَا يُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ. وَإِبْرَاءَ الْأَصِيلِ يُوجِبُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ فَكَذَلِكَ التَّأْخِيرُ وَبَعْدَ مَا أُخِّرَ الْأَصِيلُ إذَا أَدَّى الْكَفِيلُ الْمَالَ قَبْلَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ إسْقَاطَ الْكَفِيلِ الْأَجَلَ صَحِيحٌ مِنْهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّالِبِ، وَدَعْوَاهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ مِنْهُ فِي حَقِّ الْمَطْلُوبِ، وَإِنْ كَانَ أَخَّرَ الْكَفِيلَ سَنَةً ثُمَّ أَدَّاهُ الْكَفِيلُ قَبْلَ الْأَجَلِ؛ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَصِيلِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ حَالٌّ عَلَى الْأَصِيلِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ الطَّالِبَ كَانَ يُطَالِبُهُ بِهِ حَالًّا فَكَذَلِكَ الْكَفِيلُ يُطَالِبُهُ حَالًّا بَعْدَ الْأَدَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute