للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ مَا سَبَقَ.

وَالْكَفَالَةُ بِالْقَرْضِ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ بَدَلَ الْقَرْضِ مَضْمُونٌ تُجْرَى النِّيَابَةُ فِي أَدَائِهِ فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ وَهُوَ عَلَى الْكَفِيلِ إلَى أَجَلٍ وَعَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ حَالًّا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْكَفِيلَ إنَّمَا الْتَزَمَ الْمُطَالَبَةَ بِالْعَقْدِ وَذَلِكَ يَقْبَلُ التَّأْخِيرَ بِالتَّأْجِيلِ.

وَلَوْ كَفَلَ رَجُلٌ مَالًا عَنْ رَجُلٍ ثُمَّ كَفَلَ بِهِ عَنْ الْكَفِيلِ كَفِيلٌ آخَرُ، وَأَخَّرَ الطَّالِبُ عَنْ الْأَصِيلِ سَنَةً فَهُوَ تَأْخِيرٌ عَنْ الْكَفِيلَيْنِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْمَالِ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ فَإِذَا صَارَ مَا فِي ذِمَّتِهِ مُؤَجَّلًا ثَبَتَ الْأَجَلُ فِيمَا هُوَ بِنَاءٌ عَلَيْهِ. (أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَ الْأَصِيلَ مِنْهَا؛ بَرِئَ الْكَفِيلَانِ جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَّرَ عَنْ الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ فَهُوَ تَأْخِيرٌ عَنْهُ وَعَنْ الْكَفِيلِ الْآخَرِ وَالْمَالُ عَلَى الْأَصِيلِ حَالَ اعْتِبَارِ التَّأْجِيلِ بِالْإِبْرَاءِ وَهَذَا لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ الَّتِي الْتَزَمَهَا الْكَفِيلُ الثَّانِي بِنَاءٌ عَلَى الْمُطَالَبَةِ الَّتِي هِيَ عَلَى الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ. فَالتَّأْجِيلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ تَأْجِيلًا فِي حَقِّ الثَّانِي دُونَ الْأَصِيلِ.

وَلَوْ كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ ثُمَّ إنْ الْكَفِيلَ بَاعَ الطَّالِبَ بِهَا عَبْدًا قَبْلَ الْأَجَلِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فَاسْتَحَقَّ الْعَبْدَ؛ فَالْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ إلَى أَجَلِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ لِلطَّالِبِ مَعَ الْأَصِيلِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ إنَّمَا سَقَطَ حُكْمًا لِلْعَقْدِ وَقَدْ انْتَقَضَ الْعَقْدُ مِنْ الْأَصِيلِ بِاسْتِحْقَاقِ الْعَبْدِ فَكَانَ الْمَالُ عَلَيْهِ إلَى أَجَلِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ قَاضٍ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَسْخٌ لِلْعَقْدِ مِنْ الْأَصْلِ وَلَوْ رَدّ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ وَلَمْ يُسَمِّ أَجَلًا فَالْمَالُ حَالٌّ عَلَى الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقَالَةِ بِمَنْزِلَةِ الْعَقْدِ الْجَدِيدِ فَإِنَّهَا تَعْتَمِدُ التَّرَاضِيَ إلَّا أَنَّهَا جُعِلَتْ فَسْخًا فِيمَا بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِيمَا هُوَ مِنْ أَحْكَامِ الْعَقْدِ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا وَالْأَجَلُ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ فَكَانَ فِي حُكْمِ الْأَجَلِ هَذَا بِمَنْزِلَةِ عَقْدٍ مُبْتَدَإٍ، فَلَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي بَدَلِهِ إلَّا بِالشَّرْطِ وَلَوْ كَانَ قَضَاهُ الْأَلْفَ مُعَجَّلَةً نَبَهْرَجَةً فَوَجَدَهَا سَتُّوقَةً فَرَدَّهَا عَلَيْهِ كَانَ الْمَالُ عَلَيْهِ إلَى أَجَلِهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَا صَارَ قَابِضًا لِدَيْنِهِ.

وَسُقُوطُ الْأَجَلِ مِنْ حُكْمِ قَبْضِهِ فَإِذَا لَمْ يَصِرْ قَابِضًا كَانَ الْمَالُ مُؤَجَّلًا عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إنْ وَجَدَهَا زُيُوفًا فَرَدَّهَا بِقَضَاءِ قَاضٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِعَيْبِ الزِّيَافَةِ فَسْخٌ لِلْقَبْضِ مِنْ الْأَصْلِ. بِدَلِيلِ أَنَّ الرَّادَّ يَنْفَرِدُ بِهِ وَأَنْ يَرْجِعَ بِمُوجَبِ الْعَقْدِ، وَالْعَقْدُ لَا يُوجِبُ التَّسْلِيمَ مَرَّتَيْنِ. فَلَوْ لَمْ يُنْتَقَضْ الْقَبْضُ مِنْ الْأَصْلِ؛ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمُوجَبِ الْعَقْدِ وَهَذَا لِأَنَّ الزُّيُوفَ غَيْرُ الْجِيَادِ الَّتِي هِيَ دَيْنٌ فِي الذِّمَّةِ فَالْمَقْبُوضُ إنَّمَا يَكُونُ حَقًّا لَهُ عَلَى أَنْ يَتَجَوَّزَ بِهِ. فَإِذَا لَمْ يَتَجَوَّزْ بِهِ وَرَدَّهُ عُرِفَ أَنَّ الْمَقْبُوضَ لَمْ يَكُنْ حَقًّا لَهُ. وَسُقُوطُ الْأَجَلِ كَانَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ قَبَضَ حَقَّهُ فَإِذَا انْعَدَمَ ذَلِكَ بَقِيَ الْأَجَلُ كَمَا كَانَ، وَإِنْ كَانَ حِينَ أَعْطَاهُ الْمَالَ أَعْلَمَهُ أَنَّهَا زُيُوفٌ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ تَجَوَّزَ

<<  <  ج: ص:  >  >>