بِدُونِ حَقِّهِ فَيَصِيرُ الْكَفِيلُ بِهِ قَابِضًا دَيْنَهُ وَلَا يُجْعَلُ هَذَا مُبَادَلَةً لِلْأَجَلِ بِالصِّفَةِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا تَتَحَقَّقُ الْمُبَادَلَةُ إذَا كَانَ شَرْطٌ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ بِالْجِيَادِ؛ لِأَنَّهُ بِالْكَفَالَةِ اسْتَوْجَبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ.
وَلَوْ أَنَّ الْكَفِيلَ أَحَالَهُ بِالْمَالِ عَلَى رَجُلٍ إلَى أَجَلٍ أَوْ حَالٍّ، فَمَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا رَجَعَ الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ إلَى أَجَلِهِ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، فَإِنَّمَا يَعُودُ الْحُكْمُ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الْحَوَالَةِ، وَهُوَ أَنَّ الْمَالَ عَلَيْهِ إلَى أَجَلِهِ.
وَلَوْ كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ عَلَى أَنَّ الْمَالَ عَلَى أَحَدِهِمَا إلَى سَنَةٍ وَعَلَى الْآخَرِ إلَى سَنَتَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الشَّرْطُ لِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «الشَّرْطُ أَمْلَكُ» أَيْ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ إذَا أَمْكَنَ وَهُوَ مُمْكِنٌ هُنَا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ مَا يَلْتَزِمُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْكَفِيلَيْنِ يَنْفَصِلُ عَمَّا يَلْتَزِمُهُ الْآخَرُ فِي حُكْمِ الْأَجَلِ فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ عَلَى صَاحِبِ السَّنَةِ بِأَدَائِهِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ عَلَيْهِ حَالٌّ، وَقَدْ كَفَلَ هَذَا الْكَفِيلُ عَنْهُ بِأَمْرِهِ وَأَدَاؤُهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْكَفِيلِ الْآخَرِ حَتَّى تَمْضِيَ سَنَةٌ أُخْرَى؛ لِأَنَّ الْمَالَ عَلَيْهِ مُؤَجَّلٌ إلَى سَنَتَيْنِ وَهُوَ كَفِيلٌ عَنْهُ إلَى سَنَةٍ فَكَمَا أَنَّ الطَّالِبَ لَا يُطَالِبُهُ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ سَنَتَيْنِ، فَكَذَلِكَ الْمُؤَدِّي عَنْهُ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ، لَا يُطَالِبُهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى تَمْضِيَ السَّنَتَانِ. وَلَوْ كَانَ الْأَصِيلُ بَاعَ الطَّالِبَ عَبْدًا بِالْمَالِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ؛ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ لِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ فَإِنْ رَدَّ الطَّالِبُ الْعَبْدَ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ لَمْ يَرْجِعْ الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ هَذَا الرَّدَّ بِمَنْزِلَةِ عَقْدٍ مُبْتَدَأٍ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ، وَإِنْ رَدَّهُ بِقَضَاءِ قَاضٍ أَوْ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ مِنْ يَدِهِ رَجَعَ الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ بِهَذَا السَّبَبِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ مِنْ الْأَصْلِ فِي حَقِّ الْكُلِّ؛ فَيَعُودُ مَا كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ وَهُوَ الْمَالُ عَلَى الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ جَمِيعًا.
وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَالَّةً أَوْ إلَى سَنَةٍ فَأَحَالَهُ بِهَا عَلَى رَجُلٍ إلَى سَنَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُحِيلُ؛ وَهِيَ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ إلَى الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ بِالْحَوَالَةِ تَحَوَّلَ أَصْلُ الْمَالِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَثَبَتَ الْأَجَلُ حَقًّا لَهُ وَهُوَ حَيٌّ مُحْتَاجٌ إلَى الْأَجَلِ فَيَبْقَى الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُحِيلِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُحْتَالُ حَلَّ الْمَالُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَغْنَى عَنْ الْأَجَلِ بِمَوْتِهِ فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً؛ رَجَعَ الْمَالُ إلَى الْمُحِيلِ. فَإِنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ فَهُوَ عَلَيْهِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَجَلٌ فَهُوَ حَالٌّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا فَعَادَ مَا كَانَ مِنْ الْحُكْمِ قَبْلَ الْحَوَالَةِ.
وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَرْضٌ وَلِلْمَطْلُوبِ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَرْضٌ فَأَحَالَ الْمَطْلُوبُ الطَّالِبَ بِالْأَلْفِ الَّتِي لِلْمَطْلُوبِ عَلَى الْآخَرِ إلَى سَنَةٍ؛ فَهُوَ جَائِزٌ وَهِيَ لَهُ إلَى سَنَةٍ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ لِلطَّالِبِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بِعَقْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute