لِلنِّصْفِ أَنْ يُؤَدِّيَ ذَلِكَ مِنْ حِصَّةِ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مِنْ حِصَّتِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ زِيَادَةً عَلَى النِّصْفِ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ حَقٌّ لَا يُفِيدُهُ شَيْئًا؛ فَإِنَّ صَاحِبَهُ يُعَارِضُهُ بِجَعْلِ الْمُؤَدِّي عَنْهُ.
وَلَوْ كَانَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ عَلَيْهِمْ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ، وَبَعْضُهُمْ كُفَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ كَانَ مَا أَدَّى أَحَدُهُمْ مِنْ حِصَّتِهِ إلَى الثَّلَاثِ فَإِذَا جَاوَزَ الثَّلَاثَ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ حِصَّةِ صَاحِبِهِ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَجْعَلَهَا مِنْ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرَيْنِ كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ كَمَا أَنَّهُ كَفِيلٌ عَنْهُمَا فَإِذَا جَعَلَ الزِّيَادَةَ مِنْ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا كَانَ لِلْمَجْعُولِ ذَلِكَ مِنْ حِصَّتِهِ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنْ حِصَّةِ الْآخَرِ بِالطَّرِيقِ الَّذِي بَيَّنَّا فَتَحَقَّقَتْ الْمُعَارَضَةُ بَيْنَهُمَا فَلِهَذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ النَّصِيبَيْنِ جَمِيعًا فَيَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْمُعَارَضَةِ وَالْمُسَاوَاةِ.
وَلَوْ كَانُوا مُكَاتَبِينَ ثَلَاثَةً بَعْضُهُمْ كُفَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ فَأَدَّى بَعْضُهُمْ طَائِفَةً مِنْ الْكِتَابَةِ كَانَ ذَلِكَ مِنْ حِصَّتِهِمْ جَمِيعًا قَلَّ الْمُؤَدَّى أَوْ كَثُرَ. وَلَوْ جَعَلَهَا الْمُؤَدِّي مِنْ حِصَّتِهِ أَوْ حِصَّةِ صَاحِبَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا؛ يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْمُكَاتَبَةِ إذْ لَوْ لَمْ يَجْعَلْهُمْ كَذَلِكَ؛ لَمْ يَصِحَّ فَإِنَّ الْكَفَالَةَ مِنْ الْمُكَاتَبِ، وَالْكَفَالَةُ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ لَا تَكُونُ صَحِيحَةً. وَالْمُكَاتَبُ الْوَاحِدُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُجْعَلَ الْمُؤَدِّيَ عَنْ بَعْضِ نَفْسِهِ دُونَ بَعْضٍ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شَيْئًا. فَهَذَا مِثْلُهُ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فَهُنَاكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَصِيلٌ فِي بَعْضِ الْمَالِ كَفِيلٌ فِي الْبَعْضِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ صَحِيحٌ مِنْ الْأَحْرَارِ. تَوْضِيحُ الْفَرْقِ أَنَّ فِي جَعْلِ الْمُؤَدَّى مِنْ نَصِيبِ الْمُؤَدِّي - خَاصَّةً فِي بَابِ الْكِتَابَةِ - إبْطَالَ شَرْطِ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ أَنْ لَا يَعْتِقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ جَمِيعُ الْمَالِ فَإِذَا أَدَّى أَحَدُهُمْ الثُّلُثَ، وَجَعَلْنَا ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِهِ خَاصَّةً عَتَقَ هُوَ؛ لِأَنَّهُ بَرِئَ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَبَرَاءَةُ الْمُكَاتَبِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ تُوجِبُ الْعِتْقَ.
وَفِي هَذَا إبْطَالُ شَرْطِ الْمَوْلَى؛ فَلِهَذَا كَانَ الْمُؤَدَّى عَنْهُمْ جَمِيعًا، وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّا وَإِنْ جَعَلْنَا الْمُؤَدَّى هُنَاكَ مِنْ نَصِيبِ الْمُؤَدِّي خَاصَّةً؛ يَبْقَى الْبَائِعُ فِي حَبْسِ الْمَبِيعِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ الثَّمَنُ فَجَعَلْنَا ذَلِكَ مِنْ حِصَّتِهِ مَا لَمْ يَزِدْ الْمُؤَدَّى عَلَى الثُّلُثِ.
وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ دَيْنٌ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَلَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَدَفَعَ إلَيْهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ، فَقَالَ الطَّالِبُ: هِيَ وَدِيعَتِي وَقَالَ الْمَطْلُوبُ: هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ وَهِيَ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي كَانَ لَكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَهُمَا فِي الْمِلْكِ الْمَدْفُوعِ، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ فِي يَدِ الدَّافِعِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي أَنَّهُ مِلْكِي وَلِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي الْوَدِيعَةِ مُسَلَّطٌ عَلَى مَا يُخْبِرُ بِهِ مِنْ هَلَاكِهَا، فَيَثْبُتُ الْقَوْلُ بِهَلَاكِ الْوَدِيعَةِ وَيَبْقَى الدَّيْنُ وَقَدْ دَفَعَ إلَى الطَّالِبِ مِثْلَ الدَّيْنِ عَلَى جِهَةِ قَضَاءِ الدَّيْنِ؛ فَتَبْرَأُ ذِمَّتُهُ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَا يَدَّعِي مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute