كَالْإِفَاقَةِ فِي جَمِيعِهِ فِي وُجُوبِ صَوْمِ جَمِيعِ الشَّهْرِ فَهَذَا كَذَلِكَ، وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمَجْنُونَ إذَا أَفَاقَ يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَى مَالِهِ وَلَكِنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْمَجْنُونِ الْمَجْنُونُ الْأَصْلِيُّ فَقَدْ ذُكِرَ بَعْدَهُ فِي كِتَابِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اعْتَرَضَ جُنُونُهُ إنْ كَانَ مُفِيقًا فِي جُزْءٍ مِنْ آخِرِ السَّنَةِ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ، وَإِنْ تَمَّ الْحَوْلُ وَهُوَ مَجْنُونٌ فَقَدْ انْقَطَعَ حُكْمُ ذَلِكَ الْحَوْلِ فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ اعْتَبَرَ الْإِفَاقَةَ فِي آخِرِ السَّنَةِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عِنْدَهَا يَكُونُ
(قَالَ) وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمُكَاتِبِ فِي كَسْبِهِ؛ لِأَنَّهُ مَصْرِفٌ لِلزَّكَاةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {، وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: ٦٠] وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَنِيٍّ بِكَسْبِهِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ كَسْبَهُ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الرِّقَّ الْمُنَافِيَ لِلْمِلْكِ مَوْجُودٌ فِيهِ وَبِدُونِ الْمِلْكِ لَا تَثْبُتُ صِفَةُ الْغِنَى وَالْمَالُ النَّامِي سَبَبٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ بِوَاسِطَةِ غِنَى الْمَالِكِ فَبِدُونِ هَذِهِ الْوَاسِطَةِ لَا يَكُونُ سَبَبًا كَشِرَاءِ الْقَرِيبِ إعْتَاقٌ بِوَاسِطَةِ الْمِلْكِ وَبِدُونِهِ لَا يَكُونُ إعْتَاقًا وَهُوَ مَا إذَا اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ.
وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِكَسْبِهِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَى أَحَدٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ كَسْبَهُ، وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ كَسْبَهُ فَهُوَ مَشْغُولٌ بِالدَّيْنِ وَالْمَالُ الْمَشْغُولُ بِالدَّيْنِ لَا يُكَوِّنُ نِصَابَ الزَّكَاةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَكَسْبُهُ لِمَوْلَاهُ وَعَلَى الْمَوْلَى فِيهِ الزَّكَاةُ إذَا تَمَّ الْحَوْلُ
(قَالَ) وَإِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ مِنْ السَّائِمَةِ مِقْدَارُ مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَاسْتَفَادَ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ ضَمَّهَا إلَى مَا عِنْدَهُ وَزَكَّاهَا كُلَّهَا عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ عِنْدَنَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَبَرُ لِلْمُسْتَفَادِ حَوْلٌ جَدِيدٌ مِنْ حِينِ مِلْكِهِ، فَإِذَا تَمَّ الْحَوْلُ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ سَوَاءٌ كَانَ نِصَابًا أَوْ لَمْ يَكُنْ (وَحُجَّتُهُ) قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ فِيهِ الْحَوْلُ» وَالْمُرَادُ الْحَوْلُ الْمَعْهُودُ وَهُوَ اثْنَا عَشْرَ شَهْرًا، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْمُسْتَفَادَ أَصْلٌ فِي الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ فِي سَبَبِهِ فَيَكُونُ أَصْلًا بِاعْتِبَارِ الْحَوْلِ فِيهِ كَالْمُسْتَفَادِ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ بِخِلَافِ الْأَوْلَادِ وَالْأَرْبَاحِ، فَإِنَّهَا مُتَوَلَّدَةٌ مِنْ الْعَيْنِ فَيَسْرِي إلَيْهَا حُكْمُ الْعَيْنِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ النِّصَابُ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ النِّصَابِ لِيَحْصُلَ الْغِنَى بِهِ لِلْمَالِكِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِالنِّصَابِ الْأَوَّلِ فَبِالزِّيَادَةِ بَعْدَهُ يَزْدَادُ الْغِنَى، وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَاعْتِبَارُ الْحَوْلِ لِحُصُولِ النَّمَاءِ مِنْ الْمَالِ حَتَّى يَنْجَبِرَ بِالنَّمَاءِ النُّقْصَانُ الْحَاصِلُ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا كَأَصْلِ الْمَالِ
(وَلَنَا) قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اعْلَمُوا أَنَّ مِنْ السَّنَةِ شَهْرًا تُؤَدُّونَ فِيهِ زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ فَمَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ مَالٍ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَجِيءَ رَأْسُ السَّنَةِ» فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ عِنْدَ مَجِيءِ رَأْسِ السَّنَةِ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْحَادِثِ كَمَا تَجِبُ فِي الْأَصْلِ وَأَنَّ وَقْتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute