الْوُجُوبِ فِيهِمَا وَاحِدٌ، ثُمَّ الضَّمُّ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ بِالْعِلَّةِ الَّتِي بِهَا يُضَمُّ فِي ابْتِدَاءِ الْحَوْلِ فَضَمُّ بَعْضِ الْمَالِ إلَى الْبَعْضِ فِي ابْتِدَاءِ الْحَوْلِ بِاعْتِبَارِ الْمُجَانَسَةِ دُونَ التَّوَالُدِ فَكَذَلِكَ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ وَلَوْ كَانَ هَذَا مِمَّا يَسْرِي بِعِلَّةِ التَّوَالُدِ لَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَسْرِيَ إلَى الْحَادِثِ بَعْدَ الْحَوْلِ لِتَقَرُّرِ الزَّكَاةِ فِي الْأَصْلِ، ثُمَّ مَا بَعْدَ النِّصَابِ الْأَوَّلِ بِنَاءٌ عَلَى النِّصَابِ الْأَوَّلِ وَتَبَعٌ لَهُ حَتَّى يَسْقُطَ اشْتِرَاطُ النِّصَابِ فِيهِ، فَكَذَلِكَ يَسْقُطُ اعْتِبَارُ الْحَوْلِ فِيهِ وَيُجْعَلُ حُؤُولُ الْحَوْلِ عَلَى الْأَصْلِ حُؤُولًا عَلَى التَّبَعِ وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ كُلَّ مَالٍ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ كَمَالُ النِّصَابِ لِإِيجَابِ حَقِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ كَالْمُسْتَخْرَجِ مِنْ الْمَعَادِنِ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ قُلْنَا حُؤُولُ الْحَوْلِ عِبَارَةٌ عَنْ آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ، وَقَدْ حَالَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَفَادِ؛ إذْ حُؤُولُ الْحَوْلِ عَلَى الْأَصْلِ يَكُونُ حُؤُولًا عَلَى التَّبَعِ مَعْنًى فَإِنْ كَانَ إنَّمَا اسْتَفَادَهَا بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا لِانْعِدَامِ حُؤُولِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْحَوْلِ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْفَائِدَةُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا عِنْدَهُ مِنْ السَّائِمَةِ لَمْ يَضُمَّهَا إلَى مَا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ لَمْ يَضُمَّهَا إلَى مَا عِنْدَهُ، فَكَذَلِكَ إذَا وُجِدَتْ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْفَائِدَةُ مِنْ غَيْرِ السَّائِمَةِ
(قَالَ) وَإِذَا لَمْ تَكُنْ الْإِبِلُ أَوْ الْبَقَرُ أَوْ الْغَنَمُ سَائِمَةً فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، وَذَلِكَ كَالْحَوَامِلِ وَالْعَوَامِلِ، وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِيهَا الزَّكَاةُ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةٌ»، ثُمَّ وُجُوبُ الزَّكَاةِ بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ وَالْمَالِيَّةِ شُكْرًا لِنِعْمَةِ الْمَالِ، وَذَلِكَ لَا يَنْعَدِمُ بِالِاسْتِعْمَالِ بَلْ يَزْدَادُ الِانْتِفَاعُ بِالْمَالِ بِالِاسْتِعْمَالِ
(وَلَنَا) قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ السَّائِمَةِ شَاةٌ» وَالصِّفَةُ مَتَى قُرِنَتْ بِالِاسْمِ الْعَلَمِ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعَلَمِ لِإِيجَابِ الْحُكْمِ وَالْمُطْلَقُ فِي هَذَا الْبَابِ بِمَنْزِلَةِ الْمُقَيَّدِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي حَادِثَةٍ وَاحِدَةٍ وَحُكْمٍ وَاحِدٍ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَيْسَ فِي الْحَوَامِلِ وَالْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ» وَفِي الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَيْسَ فِي الْجَبْهَةِ وَلَا فِي النُّخَّةِ وَلَا فِي الْكُسْعَةِ صَدَقَةٌ» وَفَسَّرَ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ الْجَبْهَةَ بِالْخَيْلِ وَالنُّخَّةَ بِالْإِبِلِ الْعَوَامِلِ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: النُّخَّةُ بِضَمِّ النُّونِ وَفَسَّرَهَا بِالْبَقَرِ الْعَوَامِلِ وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو غُلَامُ ثَعْلَبٍ: هُوَ مِنْ النَّخِّ وَهُوَ السَّوْقُ الشَّدِيدُ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْعَوَامِلِ، ثُمَّ مَالُ الزَّكَاةِ مَا يُطْلَبُ النَّمَاءُ مِنْ عَيْنِهِ لَا مِنْ مَنَافِعِهِ، أَلَا تَرَى إلَى دَارِ السُّكْنَى وَعَبْدِ الْخِدْمَةِ لَا زَكَاةَ فِيهِمَا وَالْعَوَامِلُ إنَّمَا يُطْلَبُ النَّمَاءُ مِنْ مَنَافِعِهَا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ يُمْسِكُهَا لِلْعَلَفِ فِي مِصْرَ أَوْ غَيْرِ مِصْرَ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمَئُونَةَ تَعْظُمُ عَلَى صَاحِبِهَا. وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي السَّائِمَةِ بِاعْتِبَارِ خِفَّةِ الْمَئُونَةِ فَلَا تَجِبُ عِنْدَ كَثْرَةِ الْمَئُونَةِ؛ لِأَنَّ لِخِفَّةِ الْمَئُونَةِ تَأْثِيرًا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute