للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّبْعِيضِ فَإِنْ رَدَّ مَا بَقِيَ كَانَ عَلَى دَعْوَاهُ فَإِنْ أَمْسَكَ مَا بَقِيَ مِنْهُ كَانَ عَلَى نِصْفِ دَعْوَاهُ اعْتِبَارًا لِاسْتِحْقَاقِ الْبَعْضِ بِالْكُلِّ

وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ فِي دَارٍ لِرَجُلٍ دَعْوَى فَصَالَحَهُ عَنْهُ آخَرُ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ بِإِنْكَارٍ أَوْ إقْرَارٍ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَلَا شَيْءَ لِلْمُصَالِحِ مِنْ حُقُوقِ الْمُدَّعِي إنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ لِلَّذِي فِي يَدِهِ الدَّارُ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ عَلَى الْمُصَالِحِ إلَّا أَنْ يَضْمَنَهُ الَّذِي صَالَحَهُ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْإِنْكَارِ مُعَاوَضَةٌ بِإِسْقَاطِ الْحَقِّ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الطَّلَاقِ بِجُعْلٍ وَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ بِمَالٍ وَذَلِكَ جَائِزٌ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا يَجُوزُ مَعَ الْخَصْمِ إلَّا أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إنْ ضَمِنَ الْمَالَ فَهُوَ عَلَيْهِ بِالِالْتِزَامِ وَلَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ بِإِزَاءِ مَا اُلْتُزِمَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْقَطَ يَكُونُ مُتَلَاشِيًا وَلَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الْمَالُ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ وَلَكِنْ إنْ كَانَ الصُّلْحُ بِأَمْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْمَالُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يُعَبِّرُ عَنْهُ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَمْ يَجِبْ لِلْمُصَالَحِ وَلَا يُمْكِنُ إيجَابُهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَالْمُدَّعِي لَمْ يَرْضَ سُقُوطَ حَقِّهِ إلَّا بِعِوَضٍ يَجِبُ لَهُ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي صُلْحِ الْأَجْنَبِيِّ إلَّا الْعُرْفُ الظَّاهِرُ وَحَاجَةُ النَّاسِ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُتَحَرَّزُ مِنْ قَبُولِ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى لِسَانِهِ مَا هُوَ إقْرَارٌ لَكَانَ هَذَا كَائِنًا لِجَوَازِ هَذَا الْعَقْدِ فَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ أَوْ اُسْتُحِقَّ أَوْ وُجِدَ حُرًّا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا عَادَ فِي دَعْوَاهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمَصَالِحِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ لَوْ كَانَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَ يَبْطُلُ بِهَذِهِ الْعَوَارِضِ وَيَعُودُ الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ انْفَسَخَ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ وَالْتِزَامُ الْمَصَالِحِ كَانَ بِالْعَقْدِ فَإِذَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ عَادَ الْحُكْمُ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ وَهُوَ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ وَضَمِنَهَا لَهُ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَاسْتُحِقَّتْ أَوْ وَجَدَ مِنْهَا زُيُوفًا أَوْ سُتُّوقًا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الَّذِي صَالَحَهُ دُونَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ كَمَا لَوْ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُصَالِحَ الْتَزَمَ بِالْمَالِ بِالْعَقْدِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ حِينَ ضَمِنَهُ وَبِالرَّدِّ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ يُنْتَقَضُ الْقَبْضُ لَا أَصْلُ الْعَقْدِ فَيَعُودُ الْحُكْمُ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ أَنَّهُ مُطَالَبٌ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ بِسَبَبِ الْتِزَامِهِ فِي ذِمَّتِهِ

وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ وَضَمِنَهَا، ثُمَّ قَالَ: لَا أُؤَدِّيهَا أَجْبَرْتُهُ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِالضَّمَانِ وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ وَشَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمَالَ وَالْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ لَازِمٌ خُصُوصًا إذَا كَانَ الشَّرْطُ فِي عَقْدٍ لَازِمٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ضَمِنَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَكِنَّ الصُّلْحَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ فَإِنْ قَبِلَ لَزِمَهُ الْمَالُ، وَإِنْ رَدَّ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ

وَلَوْ ادَّعَى فِي دَارِ رَجُلٍ حَقًّا فَصَالَحَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>