للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّابَّةِ لَا يُمْكِنُ إقَامَةُ الْوَارِثِ فِيهِ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ لِلضَّرَرِ الَّذِي يَلْحَقُ الْمَالِكَ فِيهِ وَلَمْ يَرْضَ بِالْتِزَامِهِ فَلِهَذَا أَبْطَلْنَا الصُّلْحَ وَيُشْبِهُ هَذَا بِالْمَنْفَعَةِ إذَا جُعِلَتْ بَدَلًا فِي الْخُلْعِ أَوْ الصُّلْحِ مِنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالنِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْحَقُّ عَنْهَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَكِنْ يَسْتَوْفِي الْمَنْفَعَةَ أَوْ بَدَلَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى حَسَبِ مَا تَكَلَّمُوا فِيهِ فَكَذَلِكَ هُنَا

وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى سُكْنَى بَيْتٍ فَانْهَدَمَ لَمْ يَبْطُلْ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَاقٍ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ حَيْثُ السُّكْنَى مُمْكِنٌ إلَّا أَنَّ تَمَامَ الْمَنْفَعَةِ بِالْبِنَاءِ فَإِذَا رَضِيَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ يَبْنِيَ الْبَيْتَ بِمَالِهِ فِيهِ لِيَسْكُنَهُ بَقِيَ الصُّلْحُ بَيْنَهُمَا وَلَكِنْ لِلْمُدَّعِي الْخِيَارُ لِلتَّغْيِيرِ، وَإِنْ شَاءَ أَبْطَلَ الصُّلْحَ وَعَادَ عَلَى دَعْوَاهُ، وَإِنْ شَاءَ أَمْضَى الصُّلْحَ وَهَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا وَالْجَوَابُ فِي إجَارَةِ الْبَيْتِ هَكَذَا

وَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ دَعْوَاهُ عَلَى كَذَا كَذَا ذِرَاعًا مُسَمَّاةٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجَازَ فِي قَوْلِهِمَا بِمَنْزِلَةِ مَا اشْتَرَى كَذَا ذِرَاعًا مِنْ الدَّارِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي التَّبَرُّعِ فَإِنَّ الصُّلْحَ عَلَى عَيْنٍ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ، وَكَذَلِكَ إنْ صَالَحَهُ عَلَى كَذَا كَذَا جَرِيبًا مِنْ الْأَرْضِ

وَلَوْ ادَّعَى أَذْرُعًا مُسَمَّاةً فِي الدَّارِ فَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ كَانَ جَائِزًا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ الْمُصَالَحِ عَنْهُ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الصُّلْحِ كَمَا لَوْ ادَّعَى حَقًّا فِي دَارٍ وَلَمْ يُسَمِّهِ، ثُمَّ صَالَحَ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُصَالَحَ عَنْهُ لَا يَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَهُ بِالصُّلْحِ فَجَهَالَتُهُ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ

وَلَوْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي دَارٍ فِي يَدَيْ صَاحِبِهِ حَقًّا، ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا فِي يَدِهِ بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَلَا إقْرَارٍ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَابِضٌ لِمَا شُرِطَ لَهُ بِالصُّلْحِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّسْلِيمِ وَالْجَهَالَةُ إنَّمَا تَمْنَعُ إذَا كَانَتْ تُفْضِي إلَى مُنَازَعَةٍ مَانِعَةٍ مِنْ التَّسْلِيمِ

وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ فِي أَرْضَ رَجُلٍ دَعْوَى فَصَالَحَهُ عَلَى طَعَامٍ بِعَيْنِهِ مُجَازَفَةً فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ الْمُعَيَّنَ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومَ الْقَدْرِ فَكَذَلِكَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَ عَلَى دَرَاهِمَ بِعَيْنِهَا بِغَيْرِ ذِكْرِ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَصْلُحُ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ فَيَصْلُحُ بَدَلًا فِي الصُّلْحِ أَيْضًا

وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَرَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ؛ لِأَنَّ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ عَيْنًا فَهُوَ كَالْمُشْتَرِي بِطَرِيقِ الْبِنَاءِ عَلَى زَعْمِ الْمُدَّعِي وَلِهَذَا يَسْتَحِقُّ بِالشُّفْعَةِ لَوْ كَانَتْ دَارًا وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا لَمْ يَرَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ، وَكَذَلِكَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ فِي الصُّلْحِ بِمَنْزِلَةِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ حَتَّى يَرُدَّ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ الْيَسِيرِ وَالْفَاحِشِ بِطَرِيقِ الْبِنَاءِ عَلَى زَعْمِ الْمُدَّعِي وَإِذَا تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ رَجَعَ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ فِي الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ رَأْسَ مَالِهِ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةُ فَكَمَا أَنَّ عِنْدَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ يَرْجِعُ فِي ذَلِكَ فَكَذَلِكَ عِنْدَ تَعَذُّرِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ مِنْ الدَّعْوَى وَلَوْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الْعَبْدِ مِنْ يَدِهِ كَانَ بِالْخِيَارِ فِيمَا بَقِيَ لِعَيْبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>