النَّهْرِ وَاسْتِحْقَاقُهُ بِالْبَيْعِ جَائِزٌ فَكَذَلِكَ بِالصُّلْحِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى عُشْرَ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ فَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ فَهَذَا إلَى الْجَوَازِ أَقْرَبُ
وَلَوْ ادَّعَى فِي دَارٍ فِي يَدِ رَجُلٍ دَعْوَى فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى عَبْدٍ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَةُ دِرْهَمٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ رَجَعَ فِي نِصْفِ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَحَقَّ جَمِيعَ مَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ بَطَلَ الصُّلْحُ فِي الْكُلِّ وَعَادَ عَلَى رَأْسِ الدَّعْوَى فَكَذَلِكَ إذَا اسْتَحَقَّ نِصْفَ مَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ أَخَذَ مِنْ الْمُدَّعِي ثَوْبًا رَجَعَ الْمُدَّعِي فِي نِصْفِ الدَّعْوَى وَنِصْفِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ مِنْ جَانِبِ الْمُدَّعِي شَيْئَيْنِ الْمُدَّعَى وَهُوَ مَجْهُولٌ وَالثَّوْبُ وَهُوَ مَعْلُومٌ وَالْمَعْلُومُ إذَا ضُمَّ إلَى الْمَجْهُولِ فَلَا طَرِيقَ إلَى الِانْقِسَامِ سِوَى الْمُنَاصَفَةِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَدَلُ الْمِائَةِ وَالْعَبْدِ فَكَانَ بِإِزَاءِ الْعَبْدِ نِصْفَ الثَّوْبِ؛ وَنِصْفُ الْمُدَّعَى بِإِزَاءِ الْمِائَةِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْعَبْدِ يَرْجِعُ الْمُدَّعِي بِمَا يُقَابِلُهُ وَهُوَ نِصْفُ الدَّعْوَى وَنِصْفُ الثَّوْبِ وَلَوْ كَانَ اسْتَحَقَّ الثَّوْبَ رَجَعَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ بِحِصَّةِ الثَّوْبِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ يُنْظَرُ كَمْ ادَّعَى مِنْ الدَّارِ فَيَعُودُ ذَلِكَ إنْ كَانَ مَعْلُومًا وَيُقَوَّمُ الثَّوْبُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً رَجَعَ بِنِصْفِ الْعَبْدِ وَنِصْفِ الْمِائَةِ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ وَالْمُدَّعَى مِنْ جَانِبِ الْمُدَّعِي فَيَتَوَزَّعُ عَلَيْهِمَا الْمِائَةُ وَالْعَبْدُ فَإِذَا اسْتَوْفَى الْقِيمَةَ كَانَ بِمُقَابَلَةِ الثَّوْبِ وَنِصْفِ الْمِائَةِ وَقَدْ اسْتَحَقَّ الثَّوْبَ فَيَرْجِعُ بِمَا يُقَابِلُهُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْحَقِّ فِي الدَّارِ فَقَالَ الطَّالِبُ كَانَ لِي نِصْفُ الدَّارِ وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَلْ كَانَ لَكَ عُشْرُهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي الدَّارُ فِي يَدَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ وَأَصْلَ الْمُدَّعَى وَهُوَ الدَّارُ وَالصُّلْحُ كَانَ بِاعْتِبَارِهِ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى مَعْرِفَةِ مِقْدَارِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُنْكِرِ مَعَ الزِّيَادَةِ (أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَدَفَعَهَا وَقَبَضَ الطَّعَامَ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ فَقَالَ الْبَائِعُ كَانَ طَعَامِي الَّذِي بِعْتُكَ كُرَّ حِنْطَةٍ وَقَالَ الرَّجُلُ كَانَ نِصْفَ كُرٍّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ وَمَعْنَى هَذَا الِاسْتِشْهَادِ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْإِنْكَارِ مَبْنِيٌّ عَلَى زَعْمِ الْمُدَّعِي وَفِي زَعْمِهِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اشْتَرَى مِنْهُ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ بِمَا أَعْطَاهُ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ فَإِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي مِقْدَارِ الْمُشْتَرِي جُعِلَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الطَّعَامِ
وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى شِقْصًا فِي دَارٍ بِعَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ فَقَالَ الَّذِي قَبَضَ الشِّقْصَ كَانَ الْمَبِيعُ ثُلُثَ الدَّارِ وَكَانَ لِلْآجِرِ نِصْفُ الدَّارِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَهُمَا فِي مِقْدَارِ الْمُشْتَرِي فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَابِضٌ لِلْمُشْتَرَى بِالْعَقْدِ وَمَتَى وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي مِقْدَارِ الْمَقْبُوضِ يُجْعَلُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْقَابِضِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ الْقَبْضَ أَصْلًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَكَذَلِكَ إذَا أَنْكَرَ قَبْضَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute