الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ اسْتِقْلَالَ الدَّوَابِّ بِالْإِجَارَةِ مِمَّنْ يَرْكَبُهَا وَذَلِكَ غَيْرُ مَعْلُومٍ عِنْدَ الْمُهَايَأَةِ وَالضَّرَرُ عَلَى كُلِّ دَابَّةٍ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَنْ يَرْكَبُهَا فَلِهَذَا لَا يَجُوزُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ التَّهَايُؤُ فِي رُكُوبِ دَابَّةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُجَوِّزَانِ التَّهَايُؤَ فِي غَلَّةِ دَابَّةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا لَا يُجَوِّزَانِ فِي غَلَّةِ عَبْدٍ وَاحِدٍ وَالتَّهَايُؤُ فِي الْغَنَمِ عَلَى الْأَلْبَانِ وَالْأَوْلَادِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَوُجُودُ أَصْلِهِ عَلَى خَطَرٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَحْصِيلِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ لِنَفْسِهِ فِيمَا فِي يَدِهِ
وَالتَّهَايُؤُ فِي دَارٍ وَعَبْدٍ عَلَى السُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَجُوزُ اسْتِحْقَاقُهُ بِالْمُهَايَأَةِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فَعِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ أَوْلَى وَعَلَى الْغَلَّةِ بَاطِلٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - غَلَّةُ الْعَبْدِ لَا تُسْتَحَقُّ بِالتَّهَايُؤِ وَاعْتِبَارُ هَذَا الْجَانِبِ يُبْطِلُ الْعَقْدَ وَاعْتِبَارُ جَانِبِ غَلَّةِ الدَّارِ يُصَحِّحُهُ وَيَتَمَكَّنُ الْمُفْسِدُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ بِفَسَادِ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ
وَلَوْ تَهَايَآ فِي أَرْضٍ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَائِفَةً مِنْهَا مَعْلُومَةً وَيُؤَاجِرَهَا جَازَ بِمَنْزِلَةِ السُّكْنَى فِي الدَّارِ وَلَهُمَا أَنْ يُبْطِلَا الْمُهَايَأَةَ وَيَقْتَسِمَا إذَا بَدَا لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ قِسْمَةَ الْعَيْنِ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْبَابِ وَتَمَامُ التَّمْيِيزِ بِهِ يَحْصُلُ وَوَرَثَتُهُمَا فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَتِهِمَا لِقِيَامِ الْوَارِثِ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فِيمَا هُوَ مِنْ حَقِّهِ، وَكَذَلِكَ الْمُهَايَأَةُ فِي دَارٍ وَأَرْضٍ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ هَذَا الدَّارَ وَيَزْرَعَ هَذَا الْأَرْضَ، وَكَذَلِكَ الْمُهَايَأَةُ فِي دَارٍ وَحَمَّامٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَنْفَعَتَيْنِ يَجُوزُ اسْتِحْقَاقُهَا بِالْمُهَايَأَةِ
وَلَوْ كَانَتْ الْمُهَايَأَةُ فِي مَنْزِلٍ وَاحِدٍ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا سُفْلَهُ وَالْآخَرُ عُلْوَهُ فَانْهَدَمَ الْعُلْوُ كَانَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَسْكُنَ مَعَ صَاحِبِهِ السُّفْلَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِسُقُوطِ حَقِّهِ عَنْ سُكْنَى السُّفْلِ بِشَرْطِ سَلَامَةِ سُكْنَى الْعُلْوِ لَهُ وَلَمْ يُسَلَّمْ لَهُ حِينَ انْهَدَمَ فَكَانَ هُوَ عَلَى حَقِّهِ فِي سُكْنَى السُّفْلِ بِاعْتِبَارِ مِلْكِ نَصِيبِهِ وَوَرَثَتُهُ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَتِهِ
وَإِنْ كَانَا تَهَايَآ عَلَى الْخِدْمَةِ فِي عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ فِي عَبْدٍ وَأَمَةٍ عَلَى أَنْ تَخْدُمَ الْأَمَةُ أَحَدَهُمَا وَالْعَبْدُ الْآخَرَ وَاشْتَرَطَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَعَامَ خَادِمِهِ فَفِي الْقِيَاسِ هَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مِقْدَارَ مَا يَتَنَاوَلُ مِنْ الطَّعَامِ فِي نَوْبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ مَعْلُومٍ وَالْآدَمِيُّ قَدْ يَنْشَطُ لِلْأَكْلِ فِي وَقْتٍ وَلَا يَنْشَطُ فِي وَقْتٍ آخَرَ وَالطَّعَامُ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ لِاسْتِوَاءِ مِلْكَيْهِمَا فِيهِ فَلَا تُمْكِنُ فِي هَذَا الشَّرْطِ مُعَاوَضَةٌ بَيْنَهُمَا فِيمَا هُوَ مَجْهُولٌ وَفِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ هَذَا الْقِيَاسُ أَوْضَحُ وَلَكِنْ اُسْتُحْسِنَ جَوَازُ ذَلِكَ لِقِلَّةِ التَّفَاوُتِ وَاعْتِبَارِ مَا عَلَيْهِ عَادَةُ النَّاسِ مِنْ الْمُسَاهَلَةِ فِي أَمْرِ الطَّعَامِ، وَإِنْ اشْتَرَطَا الْكِسْوَةَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَمْ يَجُزْ لِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ فِي الْكِسْوَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَجْرِي فِي الْكِسْوَةِ مِنْ الْمُسَاهَلَةِ مَا يَجْرِي فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute