وَالْحَرَجُ فِي تَفْتِيشِ الْأَمْوَالِ عَلَيْهِمْ مِنْ سُعَاةِ السُّوءِ فَكَانَ ذَلِكَ تَوْكِيلًا مِنْهُ لِصَاحِبِ الْمَالِ بِالْأَدَاءِ فَنَفَذَ تَوْكِيلُهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ عَنْ نَظَرٍ صَحِيحٍ، وَقَدْ تَثْبُتُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ لِلْمُصَدِّقِ إذَا مَرَّ بِالْمَالِ عَلَيْهِ فِي سَفَرِهِ فَلِهَذَا مَنَعَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ دَيْنَ الزَّكَاةِ عَنْ الْمَالِ الْقَائِمِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، وَعَنْ الْمَالِ الْمُسْتَهْلَكِ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْقَائِمَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَمُرَّ بِهِ عَلَى الْعَاشِرِ حَتَّى يَثْبُتَ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ بِخِلَافِ الْمُسْتَهْلَكِ
(قَالَ) وَإِنْ كَانَتْ الْإِبِلُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَعَلَيْهِ لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ بِنْتُ مَخَاضٍ وَلِلْحَوْلِ الثَّانِي أَرْبَعُ شِيَاهٍ لِمَا بَيَّنَّا
(قَالَ) رَجُلٌ لَهُ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ فَصِيلًا وَنَاقَةٌ مُسِنَّةٌ فَعَلَيْهِ فِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ؛ لِأَنَّ الصِّغَارَ تَبَعٌ لِلْمُسِنَّةِ تُعَدُّ مَعَهَا كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَتُعَدُّ صِغَارُهَا وَكِبَارُهَا»، وَهَذَا لِأَنَّ مَا هُوَ الْوَاجِبُ مَوْجُودٌ فِي مَالِهِ فَإِذَا أَوْجَبْنَا لَمْ يَخْرُجْ الْوَاجِبُ مِنْ أَنْ يَكُونَ جُزْءًا مِنْ النِّصَابِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْكُلُّ صِغَارًا.
، فَإِنْ كَانَ لَهُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ فَصِيلًا وَنَاقَةٌ مُسِنَّةٌ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجِبُ إلَّا تِلْكَ الْوَاحِدَةُ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ بِاعْتِبَارِهَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ تِلْكَ الْوَاحِدَةُ مَعَ فَصِيلٍ؛ لِأَنَّهُ يُوجَبُ فِي الصِّغَارِ مِنْهَا، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا
(قَالَ): رَجُلٌ لَهُ إبِلٌ سَائِمَةٌ قَدْ اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ فَعَلَيْهِ فِيهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ عِنْدَنَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِيهَا زَكَاةُ السَّائِمَةِ إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ نِصَابُ السَّائِمَةِ تَامًّا فَحِينَئِذٍ عَلَيْهِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ نِصَابًا وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ الزَّكَاتَانِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ وُجُوبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِاعْتِبَارِ صِفَةِ الْمَالِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: زَكَاةُ السَّائِمَةِ أَقْوَى؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ وَالنُّصُوصِ الظَّاهِرَةِ، وَالضَّعِيفُ لَا يُعَارِضُ الْقَوِيَّ، فَإِذَا أَمْكَنَ إيجَابُ زَكَاةِ السَّائِمَةِ لَا تَظْهَرُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ وَفِي تَرْجِيحِ زَكَاةِ السَّائِمَةِ مَنْفَعَةٌ لِلْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ السَّاعِيَ يَأْخُذُهَا وَزَكَاةُ التِّجَارَةِ مُفَوَّضٌ أَدَاؤُهَا إلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا لَا يُؤَدِّي وَعُلَمَاؤُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: إنْ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ يَنْعَدِمُ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالسَّوْمِ وَمَا لِأَجْلِهِ أُوجِبَ زَكَاةُ السَّائِمَةِ؛ لِأَنَّ النَّمَاءَ فِي السَّائِمَةِ مَطْلُوبٌ مِنْ عَيْنِهَا، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِاسْتِبْقَاءِ الْمِلْكِ فِيهَا وَبِنِيَّةِ التِّجَارَةِ يَنْعَدِمُ هَذَا فَكَانَتْ سَائِمَةً صُورَةً لَا مَعْنًى وَهُوَ مَالُ التِّجَارَةِ صُورَةً وَمَعْنًى فَتُرَجَّحُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ لِهَذَا وَحَقُّ الْأَخْذِ ثَابِتٌ لِلسَّاعِي سَوَاءٌ أُوجِبَ فِيهَا زَكَاةُ السَّائِمَةِ أَوْ زَكَاةُ التِّجَارَةِ، فَإِنَّهُ مَالٌ ظَاهِرٌ يَحْتَاجُ صَاحِبُهُ إلَى حِمَايَةِ الْإِمَامِ وَثُبُوتُ حَقِّ الْأَخْذِ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ إلَى الْحِمَايَةِ بِخِلَافِ سَائِرِ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ حَتَّى إذَا احْتَاجَ إلَى الْحِمَايَةِ فِيهَا بِالْمُرُورِ عَلَى الْعَاشِرِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الزَّكَاةَ مِنْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute