قَالَ) وَإِنْ كَانَتْ السَّائِمَةُ بَيْنَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ وَبَيْنَ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ كَافِرٍ فَعَلَى الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ الْعَاقِلِ زَكَاةُ نَصِيبِهِ لَوْ بَلَغَ نِصَابًا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخَرِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ حَالَةَ الِاخْتِلَافِ مُعْتَبَرَةٌ بِحَالَةِ الِانْفِرَادِ
(قَالَ) وَإِذَا ذَهَبَ الْعَدُوُّ بِالسَّائِمَةِ أَوْ غَصَبَهَا غَاصِبٌ ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى صَاحِبِهَا بَعْدَ سِنِينَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِمَا مَضَى عِنْدَنَا.
، وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَلِكَ فِي الَّذِي ذَهَبَ بِهَا الْعَدُوُّ؛ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهَا بِالْإِحْرَازِ، وَفِي الْمَغْصُوبِ الْمَجْحُودِ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ لِمَا مَضَى إذَا وَصَلَتْ إلَى يَدِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَلْزَمُهُ فِيهَا الزَّكَاةُ لِمَا مَضَى إذَا وَصَلَتْ إلَى يَدِهِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ أَمْوَالَنَا بِالْإِحْرَازِ. وَجْهُ قَوْلِهِمَا إنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي السَّائِمَةِ بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ دُونَ الْيَدِ، أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ السَّبِيلِ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ لِمَا مَضَى إذَا وَصَلَتْ يَدُهُ إلَى الْأَمْوَالِ لِقِيَامِ مِلْكِهِ فِيهَا، فَكَذَلِكَ فِي الْمَغْصُوبِ، فَإِنَّ بِالْغَصْبِ تَنْعَدِمُ الْيَدُ بِالْمَغْصُوبِ مِنْهُ دُونَ الْمِلْكِ. وَجْهُ قَوْلِنَا حَدِيثُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَمَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا زَكَاةَ فِي مَالِ الضِّمَارِ» وَمَعْنَاهُ مَالٌ يَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إلَيْهِ مَعَ قِيَامِ الْمِلْكِ مِنْ قَوْلِكَ بَعِيرٌ ضَامِرٌ إذَا كَانَ نَحِيفًا مَعَ قِيَامِ الْحَيَاةِ فِيهِ وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي خِلَافَتِهِ لَمَّا أَمَرَ بِرَدِّ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى أَصْحَابِهَا قِيلَ أَفَلَا نَأْخُذُ مِنْهُمْ زَكَاتَهَا لِمَا مَضَى قَالَ: لَا، فَإِنَّهَا كَانَتْ ضِمَارًا وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي السَّائِمَةِ كَانَ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى النَّمَاءِ، وَقَدْ انْسَدَّ عَلَى صَاحِبِهَا طَرِيقٌ يُحَصِّلُ النَّمَاءَ مِنْهَا بِجُحُودِ الْغَاصِبِ إيَّاهَا فَانْعَدَمَ مَا لِأَجْلِهِ كَانَ نِصَابُ الزَّكَاةِ بِخِلَافِ ابْنِ السَّبِيلِ، فَإِنَّ النَّمَاءَ يَحْصُلُ لَهُ بِيَدٍ ثَانِيَةٍ كَمَا يَحْصُلُ بِيَدِهِ فَكَانَ نِصَابُ الزَّكَاةِ لِهَذَا، وَكَذَلِكَ الضَّالَّةُ وَمَا سَقَطَ مِنْهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ إذَا وَصَلَتْ يَدُهُ إلَيْهِ بَعْدَ الْحَوْلِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ لِمَا مَضَى؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْمَالِيَّةِ فِي النُّمُوِّ وَالِانْتِفَاعِ، وَذَلِكَ مُنْعَدِمٌ فَكَانَ مُسْتَهْلَكًا مَعْنًى، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا صُورَةً وَكَذَلِكَ الدَّيْنُ الْمَجْحُودُ وَأُطْلِقَ الْجَوَابُ فِيهِ فِي الْكِتَابِ، وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: إنْ كَانَ مَعْلُومًا لِلْقَاضِي فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ لِمَا مَضَى لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْأَخْذِ بِعِلْمِ الْقَاضِي. وَجْهُ رِوَايَةِ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ إذْ لَيْسَ كُلُّ شَاهِدٍ يَعْدِلُ وَلَا كُلُّ قَاضٍ يَعْدِلُ، وَفِي الْمُحَابَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الْخُصُومَةِ ذُلٌّ فَكَانَ لَهُ أَنْ لَا يُذِلَّ نَفْسَهُ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا: إذَا كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ لِمَا مَضَى؛ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ جَاءَ مِنْهُ. وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ الْمَدْيُونَ إذَا كَانَ يُقِرُّ مَعَهُ سِرًّا وَيَجْحَدُ فِي الْعَلَانِيَةِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute